الاثنين، 14 سبتمبر 2009

حدود البراءة!

http://i.aksalser.com/u090218/950590100.JPG
ما الذي يدفع الطفل لكي يعبر حدود براءته ويقطع شوطاً بعيداً في عالم الجريمة؟.. ومتى يمكن ان يعتبر الاطفال مسؤولين عن اخطائهم او عن جرائمهم؟.. وما الطريقة التي يجب ان يعامل بها الاطفال بعد ان ينفذوا عقوبة ارتكابهم لجرائمهم؟..

هذه الاسئلة تمثل المحاور الاساسية للقضية التي تشغل بال المجتمعات والحكومات، وهي قضية العنف عند الاطفال، كما تمثل هذه الاسئلة جوهر رواية «عبور الحدود» للكاتبة بات باركر.

تحكي رواية «عبور الحدود» قصة طفل في العاشرة من عمره يدعى داني ميلر تتم ادانته بقتل سيدة مسنة دون سبب مفهوم أو مبرر واضح، ويعرض الطفل على الطبيب النفسي توم سيمور الذي يقرر ان الطفل مسؤول مسؤولية كاملة عما اقترفت يداه ومن ثم يجب محاكمته كشخص ناضج.
بعد ثلاثة عشر عاما تم اخلاء سبيل داني من السجن بعد ان امضى فترة العقوبة، لكن الاقدار يكون لها دور في تقرير مصير داني الذي يقدم على الانتحار غرقاً، فالطبيب النفسي الذي ساهم تقريره الطبي في توقيع عقوبة السجن على داني كان يمر بالمصادفة بالقرب من شاطئ البحر وينجح في انقاذه من الغرق.
اثناء حديثهما معا عبر داني للطبيب توم عن رغبته في ان يفسر له الغموض الذي يكتنف الدافع الذي دفعه الى ارتكاب جريمته، وعلى الرغم من ان الطبيب النفسي توم يدرك اجادة داني للكذب الا انه في اعماقه كان لا يشعر بالارتياح الى النتائج التي وضعها في تقريره للمحكمة وادت الى محاكمة داني وتوقيع العقوبة عليه.
كان من رأى الطبيب النفسي توم انه يدين لداني بالتفسير الذي يريده منه والخاص بالدافع الذي دفعه الى ارتكاب جريمته، لكن توم الذي لم يستطع ان يقدم تفسيراً مقنعاً لداني حول دوافع ارتكاب الجريمة شعر بأن الله أرسل داني اليه لكي يعوضه عن حياة الاسرة الممزقة ولان داني في حاجة ماسة الى معاونته على التكيف مع الحياة خارج السجن.. كذلك لم يستطع توم مقاومة الشعور بانه اصبح مسؤولاً عن داني.
وبعد تفكير طويل توصل توم الى ان سلوكيات وتصرفات الفرد في بعض الاحيان تخرج عن نطاق العقل، ودلل على ذلك بانه هو شخصيا عندما كان في سن الطفولة كاد يقتل شخصا، وسأل توم نفسه عما اذا كان الذي حدث معه وهو طفل هو الشيء نفسه الذي حدث لداني ام ان شيئا اكثر غموضاً اكتنف ارتكاب داني لجريمته.
الاهتمام الاساسي الذي شغل بال الروائية بات باركر في رواية «عبور الحدود» هو الطفل الذي يقدم على ارتكاب جريمة قتل والمستقبل الذي ينتظره، وما اذا كانت احداث الطفولة تظل تطارده في حياته بعد ذلك، وهذا الموضوع هو نفسه الذي تناولته الكاتبة في روايتها السابقة «عالم آخر».. وربما هو نفس المبدأ القائل ان الماضي لا يموت.