الاثنين، 14 سبتمبر 2009

حدود البراءة!

http://i.aksalser.com/u090218/950590100.JPG
ما الذي يدفع الطفل لكي يعبر حدود براءته ويقطع شوطاً بعيداً في عالم الجريمة؟.. ومتى يمكن ان يعتبر الاطفال مسؤولين عن اخطائهم او عن جرائمهم؟.. وما الطريقة التي يجب ان يعامل بها الاطفال بعد ان ينفذوا عقوبة ارتكابهم لجرائمهم؟..

هذه الاسئلة تمثل المحاور الاساسية للقضية التي تشغل بال المجتمعات والحكومات، وهي قضية العنف عند الاطفال، كما تمثل هذه الاسئلة جوهر رواية «عبور الحدود» للكاتبة بات باركر.

تحكي رواية «عبور الحدود» قصة طفل في العاشرة من عمره يدعى داني ميلر تتم ادانته بقتل سيدة مسنة دون سبب مفهوم أو مبرر واضح، ويعرض الطفل على الطبيب النفسي توم سيمور الذي يقرر ان الطفل مسؤول مسؤولية كاملة عما اقترفت يداه ومن ثم يجب محاكمته كشخص ناضج.
بعد ثلاثة عشر عاما تم اخلاء سبيل داني من السجن بعد ان امضى فترة العقوبة، لكن الاقدار يكون لها دور في تقرير مصير داني الذي يقدم على الانتحار غرقاً، فالطبيب النفسي الذي ساهم تقريره الطبي في توقيع عقوبة السجن على داني كان يمر بالمصادفة بالقرب من شاطئ البحر وينجح في انقاذه من الغرق.
اثناء حديثهما معا عبر داني للطبيب توم عن رغبته في ان يفسر له الغموض الذي يكتنف الدافع الذي دفعه الى ارتكاب جريمته، وعلى الرغم من ان الطبيب النفسي توم يدرك اجادة داني للكذب الا انه في اعماقه كان لا يشعر بالارتياح الى النتائج التي وضعها في تقريره للمحكمة وادت الى محاكمة داني وتوقيع العقوبة عليه.
كان من رأى الطبيب النفسي توم انه يدين لداني بالتفسير الذي يريده منه والخاص بالدافع الذي دفعه الى ارتكاب جريمته، لكن توم الذي لم يستطع ان يقدم تفسيراً مقنعاً لداني حول دوافع ارتكاب الجريمة شعر بأن الله أرسل داني اليه لكي يعوضه عن حياة الاسرة الممزقة ولان داني في حاجة ماسة الى معاونته على التكيف مع الحياة خارج السجن.. كذلك لم يستطع توم مقاومة الشعور بانه اصبح مسؤولاً عن داني.
وبعد تفكير طويل توصل توم الى ان سلوكيات وتصرفات الفرد في بعض الاحيان تخرج عن نطاق العقل، ودلل على ذلك بانه هو شخصيا عندما كان في سن الطفولة كاد يقتل شخصا، وسأل توم نفسه عما اذا كان الذي حدث معه وهو طفل هو الشيء نفسه الذي حدث لداني ام ان شيئا اكثر غموضاً اكتنف ارتكاب داني لجريمته.
الاهتمام الاساسي الذي شغل بال الروائية بات باركر في رواية «عبور الحدود» هو الطفل الذي يقدم على ارتكاب جريمة قتل والمستقبل الذي ينتظره، وما اذا كانت احداث الطفولة تظل تطارده في حياته بعد ذلك، وهذا الموضوع هو نفسه الذي تناولته الكاتبة في روايتها السابقة «عالم آخر».. وربما هو نفس المبدأ القائل ان الماضي لا يموت.
اقرأ المزيد »

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

كيف انمي ذكاء طفلي .نصائح لتنمية ذكاء الاطفال




إذا أردت لطفلك نمواً في قدراته وذكائه فهناك أنشطة تؤدي بشكل رئيسي إلى تنمية ذكاء الطفل وتساعده على التفكير العلمي المنظم وسرعة الفطنة والقدرة على الابتكار ،
ومن أبرز هذه الأنشطة ما يلي :


أ) اللعب :

الألعاب تنمي القدرات الإبداعية لأطفالنا .. فمثلاً ألعاب تنمية الخيال ،وتركيز الانتباه والاستنباط والاستدلال والحذر والمباغته وإيجاد البدائل لحالات افتراضية متعددة مما يساعدهم على تنمية ذكائهم .يعتبر اللعب التخيلي من الوسائل المنشطة لذكاء الطفل وتوافقه .، فالأطفال الذين يعشقون اللعب التخيلي يتمتعون بقدر كبير من التفوق ، كما يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء والقدرة اللغوية وحسن التوافق الاجتماعي ، كما أن لديهم قدرات إبداعية متفوقة ، ولهذا يجب تشجيع الطفل على مثل هذا النوع من اللعب .كما أن للألعاب الشعبية كذلك أهميتها في تنمية وتنشيط ذكاء الطفل ، لما تحدثه من إشباع الرغبات النفسية والاجتماعية لدى الطفل ، ولما تعوده على التعاون والعمل لجماعي ولكونها تنشط قدراته العقلية بالاحتراس والتنبيه والتفكير الذي تتطلبه مثل هذه الألعاب .. ولذا يجب تشجيعه على مثل هذا .


ب) القصص وكتب الخيال العلمي :


تنمية التفكير العلمي لدى الطفل يعد مؤشراً هاماً للذكاء وتنميته ، والكتاب العلمي يساعد على تنمية هذا الذكاء ، فهو يؤدي إلى تقديم التفكير العلمي المنظم في عقل الطفل ، وبالتالي يساعده على تنمية الذكاء والابتكار ، ويؤدي إلى تطوير القدرة القلية للطفل . والكتاب العلمي لطفل المدرسة يمكن أن يعالج مفاهيم علمية عديدة تتطلبها مرحلة الطفولة ، ويمكنه أن يحفز الطفل على التفكير العلمي ، وأن يجري بنفسه التجارب العلمية البسيطة ، كما أن الكتاب العلمي هو وسيلة لأن يتذوق الطفل بعض المفاهيم العلمية وأساليب التفكير الصحيحة والسليمة ، وكذلك يؤكد الكتاب العلمي لطفل هذه المرحلة تنمية الاتجاهات الإيجابية للطفل نحو العلم والعلماء كما أنه يقوم بدور هام في تنمية ذكاء الطفل ، إذا قدم بشكل جيد ، بحيث يكون جيد الإخراج مع ذوق أدبي ورسم وإخراج جميل ، وهذا يضيف نوعاً من الحساسية لدى الطفل في تذوق الجمل للأشياء ، فهو ينمي الذاكرة ، وهي قدرة من القدرات العقلية .والخيال هام جداً للطفل وهو خيال لازم له ، ومن خصائص الطفولة التخيل والخيال الجامح ، ولتربية الخيال عند الطفل أهمية تربوية بالغة ويتم من خلال سرد القصص الخرافية المنطوية على مضامين أخلاقية إيجابية بشرط أن تكون سهلة المعنى وأن تثير اهتمامات الطفل ، وتداعب مشاعره المرهفة الرقيقة ، ويتم تنمية الخيال كذلك من خلال سرد القصص العلمية الخيالية للاختراعات والمستقبل ، فهي تعتبر مجرد بذرة لتجهيز عقل الطفل وذكائه للاختراع والابتكار ، ولكن يجب العمل على قراءة هذه القصص من قبل الوالدين أولاً للنظر في صلاحيتها
لطفلهما حتى لا تنعكس على ذكائه لأن هناك بعض القصص مثل سوبرمان والرجل الأخضر طرزان . قصص تلجأ إلى تفهيم الأطفال فهماً خاطئاً ومخالفاً لطبيعة البشر ، مما يؤدي إلى فهمهم لمجتمعهم والمجتمعات الأخرى فهماً خاطئاً ،واستثارة دوافع التعصب والعدوانية لديهم .كما أن هناك قصص أخرى تسهم في نمو ذكاء الطفل كالقصص الدينية وقصص الألغاز والمغامرات التي لا تتعارض مع القيم والعادات والتقاليد - ولا تتحدث عن القيم الخارقة للطبيعة - فهي تثير شغف الأطفال ، وتجذبهم ، وتجعل عقولهم تعمل وتفكر وتعلمهم الأخلاقيات والقيم ، ولذلك فيجب علينا اختيار القصص التي تنمي القدرات العقلية لأطفالنا والتي تملأهم بالحب والخيال والجمال والقيم
الإنسانية لديهم ، مما يجعلهم يسيرون على طريق الذكاء ، ويجب اختيار الكتب الدينية ولمَ لا ؟ فإن الإسلام يدعونا إلى التفكير والمنطق ، وبالتالي تسهم في تنمية الذكاء لدى أطفالنا


ج) الرسم والزخرفة :


الرسم والزخرفة تساعد على تنمية ذكاء الطفل وذلك عن طريق تنمية هواياته في هذا المجال ، تقصي أدق التفاصيل المطلوبة في الرسم ، بالإضافة إلى تنمية العوامل الابتكارية لديه عن طريق اكتشاف العلاقات وإدخال التعديلات حتى تزيد من جمال الرسم والزخرفة .ورسوم الأطفال تدل على خصائص مرحلة النمو العقلي ، ولا سيما في الخيال عند الأطفال ، بالإضافة إلى أنها عوامل التنشيط العقلي والتسلية وتركيز الانتباه .ولرسوم الأطفال وظيفة تمثيلية ، تساهم في نمو الذكاء لدى الطفل ، فبالرغم من أن الرسم في ذاته نشاط متصل بمجال اللعب ، فهو يقوم في ذات الوقت على الاتصال المتبادل للطفل مع شخص آخر ، إنه يرسم لنفسه ، ولكن تشكل رسومه في الواقع من أجل عرضها وإبلاغها لشخص كبير ، وكأنه يريد أن يقول له شيئاً عن طريق ما يرسمه ، وليس هدف الطفل من الرسم أن يقلد الحقيقة ، وإنما تنصرف رغبته إلى تمثلها ، ومن هنا فإن المقدرة على الرسم تتمشى مع التطور الذهني والنفسي للطفل ، وتؤدي إلى تنمية تفكيره وذكائه .



د) مسرحيات الطفل :


إن لمسرح الطفل ، ولمسرحيات الأطفال دوراً هاماً في تنمية الذكاء لدى الأطفال ، وهذا الدور ينبع من أن ( استماع الطفل إلى الحكايات وروايتها وممارسة الألعاب القائمة على المشاهدة الخيالية ، من شأنها جميعاً أن تنمي قدراته على التفكير ، وذلك أن ظهور ونمو هذه الأداة المخصصة للاتصال _ أي اللغة – من شأنه إثراء أنماط التفكير إلى حد كبير ومتنوع ، وتتنوع هذه الأنماط وتتطور أكثر سرعة وأكثر دقة ) .ومن هذا فالمسرح قادر على تنمية اللغة وبالتالي تنمية الذكاء لدى الطفل . فهو يساعد الأطفال على أن يبرز لديهم اللعب التخيلي ، وبالتالي يتمتع الأطفالالذين يذهبون للمسرح المدرسي ويشتركون فيه ، بقدر من التفوق ويتمتعون بدرجة عالية من الذكاء ، والقدرة اللغوية ، وحسن التوافق الاجتماعي ، كما أن لديهم قدرات إبداعية متفوقة . وتسهم مسرحية الطفل إسهاما ملموسا وكبيرا في نضوج شخصية الأطفال فهي تعتبر وسيلة من وسائل الاتصال المؤثرة في تكوين اتجاهات الطفل وميوله وقيمه ونمط شخصيته ولذلك فالمسرح التعلمي والمدرسي هام جدا لتنمية ذكاء الطفل .


هـ) الأنشطة المدرسية ودورها في تنمية ذكاء الطفل :


تعتبر الأنشطة المدرسية جزءا مهما من منهج المدرسة الحديثة ، فالأنشطة المدرسية - أياً كانت تسميتها – تساعد في تكوين عادات ومهارات وقيم وأساليب تفكير لازمة لمواصلة التعليم للمشاركة في التعليم ، كما أن الطلاب الذين يشاركون في النشاط لديهم قدرة على الإنجاز الأكاديمي ، وهم يتمتعون بنسبة ذكاء مرتفعة ، كما أنهم إيجابيون بالنسبة لزملائهم ومعلميهم .فالنشاط إذن يسهم في الذكاء المرتفع ، وهو ليس مادة دراسية منفصلة عن المواد الدراسية الأخرى ، بل إنه يتخلل كل المواد الدراسية ، وهو جزء مهم من المنهج المدرسي بمعناه الواسع ( الأنشطة غير الصفية ) الذي يترادف فيه مفهوم المنهجوالحياة المدرسية الشاملة لتحقيق النمو المتكامل للتلاميذ ، وكذلك لتحقيق التنشئة والتربية المتكاملة المتوازنة ، كما أن هذه الأنشطة تشكل أحد العناصر الهامة في بناء شخصية الطالب وصقلها ، وهي تقوم بذلك بفاعلية وتأثير عميقين .


و ) التربية البدنية :

الممارسة البدنية هامة جداً لتنمية ذكاء الطفل ، وهي وإن كانت إحدى الأنشطة المدرسية ، إلا أنها هامة جداً لحياة الطفل ، ولا تقتصر على المدرسة فقط ، بل تبدأ مع الإنسان منذ مولده وحتى رحيله من الدنيا ، وهي بادئ ذي بدء تزيل الكسل والخمول من العقل والجسم وبالتالي تنشط الذكاء ، ولذا كانت الحكمة العربية والإنجليزية أيضاً ، التي تقول : ( العقل السليم في الجسم السليم ) دليلاً على أهمية الاهتمام بالجسد السليم عن طريق الغذاء الصحي والرياضة حتى تكون عقولنا سليمة ودليلاً على العلاقة الوطيدة بين العقل والجسد ، ويبرز دورالتربية في إعداد العقل والجسد معاً ..
فالممارسة الرياضية في وقت الفراغ من أهم العوامل التي تعمل على الارتقاء بالمستوى الفني والبدني ، وتكسب القوام الجيد ، وتمنح الفرد السعادة والسرور والمرح والانفعالات الإيجابية السارة ، وتجعله قادراً على العمل والإنتاج ،والدفاع عن الوطن ، وتعمل على الارتقاء بالمستوى الذهني والرياضي في إكساب الفرد النمو الشامل المتزن . ومن الناحية العلمية ، فإن ممارسة النشاط البدني تساعد الطلاب على التوافق السليم والمثابرة وتحمل المسؤولية والشجاعة والإقدام والتعاون ، وهذه صفات هامة تساعد الطالب على النجاح في حياته الدراسية وحياته العملية ، ويذكر د.حامد زهران في إحدى دراساته عن علاقة الرياضة بالذكاء والإبداع والابتكار : (إن الابتكار يرتبط بالعديد من المتغيرات مثل التحصيل والمستوى الاقتصادي والاجتماعي والشخصية وخصوصاً النشاط البدني بالإضافة إلى جميع المناشط الإنسانية ، ويذكر دليفورد أن الابتكار غير مقصور على الفنون أو العلوم ، ولكنه موجود في جميع أنواع النشاط الإنساني والبدني ) . فالمناسبات الرياضية تتطلب استخدام جميع الوظائف العقلية ومنها عمليات التفكير ، فالتفوق في الرياضيات ( مثل الجمباز والغطس على سبيل المثال ) يتطلب قدرات ابتكارية ، ويسهم في تنمية التفكير العلمي والابتكاري والذكاء لدى الأطفال والشباب . فمطلوب الاهتمام بالتربية البدنية السليمة والنشاط الرياضي من أجل صحة أطفالنا وصحة عقولهم وتفكيرهم وذكائهم .



ز ) القراءة والكتب والمكتبات :

والقراءة هامة جداً لتنمية ذكاء أطفالنا ، ولم لا ؟؟ فإن أول كلمة نزلت في القرآن الكريم اقرأ ، قال الله تعالى" اقرأ باسم ربك الذي خلق خلقالإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم" .فالقراءة تحتل مكان الصدارة من اهتمام الإنسان ، باعتبارها الوسيلة الرئيسية لأن يستكشف الطفل البيئة من حوله ، والأسلوب الأمثل لتعزيز قدراته الإبداعية الذاتية ، وتطوير ملكاته استكمالاً للدور التعليمي للمدرسة ، وفيما يلي بعض التفاصيل لدور القراءة وأهميتها في تنمية الذكاء لدى الأطفال !! والقراءة هي عملية تعويد الأطفال : كيف يقرأون ؟ وماذا يقرأون ؟ ولا أن نبدأ العناية بغرس حب القراءة أو عادة القراءة والميل لها في نفس الطفل والتعرف على ما يدور حوله منذ بداية معرفته للحروف والكلمات ، لذا فمسألة القراءة مسألة حيوية بالغة الأهمية لتنمية ثقافة الطفل ، فعندما نحبب الأطفال في القراءة نشجع في الوقت نفسه الإيجابية في الطفل ، وهي ناتجة للقراءة من البحث والتثقيف ، فحب القراءة يفعل مع الطفل أشياء كثيرة ، فإنه يفتح الأبواب أمامهم نحو الفضول والاستطلاع ، وينمي رغبتهم لرؤية أماكن يتخيلونها ، ويقلل مشاعر الوحدة والملل ، يخلق أمامهم نماذج يتمثلون أدوارها ، وفي النهاية ، تغير القراءة أسلوب حياة الأطفال .
والهدف من القراءة أن نجعل الأطفال مفكرين باحثين مبتكرين يبحثون عن الحقائق والمعرفة بأنفسهم ، ومن أجل منفعتهم ، مما يساعدهم في المستقبل على الدخول في العالم كمخترعين ومبدعين ، لا كمحاكين أو مقلدين ، فالقراءة أمر إلهي متعدد الفوائد من أجل حياتنا ومستقبلنا ، وهي مفتاح باب الرشد العقلي ، لأن من يقرأ ينفذ أوامر الله عز وجل في كتابه الكريم ، وإذا لم يقرأ الإنسان ، يعني هذا عصيانه ومسؤوليته أمام الله ، والله لا يأمرنا إلا بما ينفعنا في حياتنا . والقراءة هامة لحياة أطفالنا فكل طفل يكتسب عادة القراءة يعني أنه سيحب الأدب واللعب ، وسيدعم قدراته الإبداعية والابتكارية باستمرار ، وهي تكسب الأطفال كذلك حب اللغة ، واللغة ليست وسيلة تخاطب فحسب ، بل هي أسلوب للتفكير .


ح ) الهوايات والأنشطة الترويحية :

هذه الأنشطة والهوايات تعتبر خير استثمار لوقت الفراغ لدى الطفل ، ويعتبر استثمار وقت الفراغ من الأسباب الهامة التي تؤثر على تطورات ونمو الشخصية ، ووقت الفراغ في المجتمعات المتقدمة لا يعتبر فقط وقتاً للترويح والاستجمام واستعادة القوى ، ولكنه أيضاً ، بالإضافة إلى ذلك ، يعتبر فترة من الوقت يمكن في غضونها تطوير وتنمية الشخصية بصورة متزنة وشاملة .ويرى الكثير من رجال التربية ، ضرورة الاهتمام بتشكيل أنشطة وقت الفراغ بصورة تسهم في اكتساب الفرد الخبرات السارة الإيجابية ، وفي نفس الوقت ، يساعد على نمو شخصيته ، وتكسبه العديد من الفوائد الخلقية والصحية والبدنية والفنية .ومن هنا تبرز أهميتها في البناء العقلي لدى الطفل والإنسان عموماً .تتنوع الهوايات ما بين كتابة شعر أو قصة أو عمل فني أو أدبي أو علمي ،وممارسة الهوايات تؤدي إلى إظهار المواهب ، فالهوايات تسهم في إنماء ملكات الطفل ، ولا بد وأن تؤدي إلى تهيئة الطفل لإشباع ميوله ورغباته واستخراج طاقته الإبداعية والفكرية والفنية .

والهوايات إما فردية ، خاصة مثل الكتابة والرسم وإما جماعية مثل الصناعات الصغيرة والألعاب الجماعية والهوايات المسرحية والفنية المختلفة .فالهوايات أنشطة ترويحية ولكنها تتخذ الجانب الفكري والإبداعي ، وحتى إذا كانت جماعية ، فهي جماعة من الأطفال تفكر معاً وتلعب معاً ، فتؤدي العمل الجماعي وهو بذاته وسيلة لنقل الخبرات وتنمية التفكير و الذكاء . ولذلك تلعب الهوايات بمختلف مجالاتها وأنواعها دوراً هاماً في تنمية ذكاء الأطفال ، وتشجعهم على التفكير المنظم والعمل المنتج ، و الابتكار والإبداع وإظهار المواهب المدفونة داخل نفوس الأطفال .


ط ) حفظ القرآن الكريم :

ونأتي إلى مسك الختام ، حفظ القرآن الكريم ، فالقرآن الكريم من أهم المناشط لتنمية الذكاء لدى الأطفال ، ولم لا ؟ والقرآن الكريم يدعونا إلى التأمل والتفكير ، بدءاً من خلق السماوات والأرض ، وهي قمة التفكير والتأمل ، وحتى خلق الإنسان ، وخلق ما حولنا من أشياء ليزداد إيماننا ويمتزج العلم بالعمل .وحفظ القرآن الكريم ، وإدراك معانيه ، ومعرفتها معرفة كاملة ، يوصل الإنسان
إلى مرحلة متقدمة من الذكاء ، بل ونجد كبار وأذكياء العرب وعلماءهم وأدباءهم يحفظون القرآن الكريم منذ الصغر ، لأن القاعدة الهامة التي توسع الفكر والإدراك ، فحفظ القرآن الكريم يؤدي إلى تنمية الذكاء وبدرجات مرتفعة . وعن دعوة القرآن الكريم للتفكير والتدبر واستخدام العقل والفكر لمعرفة الله حق المعرفة ، بمعرفة قدرته العظيمة ، ومعرفة الكون الذي نعيش فيه حق المعرفة ، ونستعرض فيما يلي بعضاً من هذه الآيات القرآنية التي تحث على طلب العلم والتفكر في مخلوقات الله وفي الكون الفسيح . قول لحق أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ) .سبأ الآية 46 وهي دعوة للتفكير في الوحدة وفي الجماعة أيضاً . وقوله عز وجل كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون ) .البقرة الآية 219 وهي دعوة للتفكير في كل آيات وخلق الله عز وجل . وفي هذا السياق يقول الحق جل وعلا (: كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون ) . البقرة الآية 266
وقوله عز وجل كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ) . يونس الآية 24 و ( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) الرعد الآية 3 وقوله سبحانه وتعالى إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ) النحل 11ويفرق الله بين المتفكرين والمستخدمين عقولهم ، وبين غيرهم ممن لا يستخدمون تلك النعم . فيقول الحق قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا يتفكرون ) . الأنعام 50 ويقول الحق سبحانه وتعالى أولم يتفكروا في أنفسهم ) الروم 8 وهي دعوة مفتوحة للتفكير في النفس والمستقبل . وهناك دعوة أخرى للتفكير في خلق السموات والأرض ، وفي كل حال عليه الإنسان ،فيقول المولى عز وجل الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ) .آل عمران 191 بل هناك دعوة لنتفكر في قصص الله وهو القصص الحق ، لتشويق المسلم صغيراً وكبيراً ، يقول الحق فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ) . الأعراف 176 وحتى الأمثال يضربها المولى عز وجل للناس ليتفكروا فيها ، قال الحق سبحانه وتعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) . الحشر 21

اقرأ المزيد »

الذكاء عند الطفل ,البئة وذكاء الطفل

http://www.tortureinegypt.net/files/torture/images/27742.jpg

تمثل البيئة مظلة كبرى، فهي تعني كل ما يحيط بنا من عوامل طبيعية واجتماعية، سواء كنا نعي ونحس بها أو كانت خافية علينا، فنحن قول إن الإنسان ابن بيئته، ونطالب بتوفير بيئة صالحة لأطفالنا. ويهتم المشتغلون بالعلوم النفسية بدراسة التفاعل بين الطفل وبيئته، سواء كانت البيئة الاجتماعية أو البيئة الطبيعية، وهي موضوع هذا المقال. فهناك دراسات تمس تأثير المناخ على الأطفال، أو تأثير الموقع، بل هناك دراسات حول تأثير تعاقب الليل والنهار على أداء الأطفال، فهناك أطفال يكونون أكثر كفاءة أثناء النهار، وآخرون يكونون أكثر كفاءة أثناء الليل.


البيئة الطبيعية من حولنا زاخرة بالكائنات التي يتجاوز علمنا بها 10%.. هذه البيئة الطبيعية تشمل المناخ، والنبات، والحيوان، وما في باطن الأرض من معادن، وبراكين، وما في الغلاف الجوي من أجرام، وبقدر ما بسط الله الرزق للإنسان في الأرض، وطالبه بالسعي والإعمار بقدر ما وهبه من العقل والحكمة؛ مما ييسر له هذا السعي.


من هنا كان اهتمام المشتغلين بعلم النفس بدراسة الذكاء، الذي يلخص قدرات البشر وطاقاتهم في التفاعل مع البيئة بكل ما تحتويه من عناصر اجتماعية أو طبيعية، فبقدر ما أودع الخالق في الأرض من أسرار، أودع الإنسان الحكمة والذكاء.

فالذكاء في معناه العام هو القدرة على التوافق والتفاعل الإيجابي مع البيئة، فنحن نقول عن الطفل ذكي عندما يسبق أقرانه في اللغة، فنقول هذا دليل على الذكاء اللغوي، وإذا أحب الموسيقى، وكان يردد الألحان التي يسمعها بدقة، نقول هذا دليل على الذكاء الموسيقي، وإذا كان رشيق الحركة قادرًا على حفظ توازنه، فهذا دليل على الذكاء المكاني، وإذا كان ودودًا مقدرًا لمشاعر الغير، فهذا دليل على الذكاء الاجتماعي، وإذا كان يعرف ما يحتاج إليه ويطلبه، ولا يعرض نفسه للمشكلات، فهذا دليل على الذكاء الشخصي.. هذا ما قدمه لنا العالم النفسي هوارد جاردنر في نظريته عن الذكاء المتعدد، والذي يعنينا منها الذكاء الثامن.. ذكاء التناغم مع الطبيعة، وهي ترجمة متحررة تعكس وجهة نظر الكاتبة لمفهوم جاردنر Natrualist intelligence، حيث يوظف الإنسان حواسه وطاقاته وذكاءه لفهم عناصر البيئة الطبيعية، فيتعمق وعيه ببيئته، ويزداد فهمه لها، واقترابًا منها، وبدون هذا الفهم والوعي والاقتراب يفقد الإنسان إنسانيته.

وقد اكتسب هذا الذكاء الثامن قيمة مضاعفة نتيجة للمشكلات المعاصرة للبيئة. فإذا كان الذكاء في أساسه حل المشكلات والتوافق والتناغم مع البيئة بشكل عام، فذكاء التناغم مع البيئة الطبيعية يمكن الإنسان من حل مشكلاتها، كيف تلاحظ ذكاء التناغم مع الطبيعة لدى أطفالنا، كيف نحرص عليه، أو نهتم به، وننميه، بنفس القدر من حرصنا على تنمية الذكاء الفردي أو اللغوي أو الاجتماعي... الخ.

نبدأ فيما يلي بتعريف ما نقصده بذكاء التناغم مع البيئة:

  • يحب زيارة الحدائق العامة وحدائق الحيوان وغيرها من الأماكن التي تتوفر فيها الزهور والطيور والحيوانات، كما يحب زيارة متاحف التاريخ الطبيعي.
  • يجمع أشياء من الطبيعة كريش الطيور وأوراق الشجر وأصداف البحر، والصخور وغيرها.
  • يجفف الزهور وأوراق الشجر.
  • يسعده مراقبة البيئة الطبيعية، وملاحظة أدق التفاصيل فيما يراه من عناصرها (زهور – حيوانات – طيور – نجوم – سحاب).
  • يربى نباتات أو طيورًا أو حيوانات، ويسعده رعايتها، أو يضع طعامًا (حيويًا) للطيور بشرفة المنزل.
  • ينشغل بملاحظة مراحل نمو ما حوله من كائنات أو نبات.
  • يسعده ملاحظة حركة الطبيعة كما تظهر في تعاقب الليل والنهار، في حركة القمر واكتماله، في شروق الشمس وغروبها.
  • لديه اهتمام خاص بتأمل الطبيعة.
  • يهتم بالإنصات للأصوات المختلفة كأصوات الطيور، والكائنات الصغيرة، وصوت الأشجار.
  • يسعى لاقتناء أدوات بسيطة تمكنه من ملاحظة عناصر البيئة بصورة أدق كالعدسات المكبرة.
  • يسعى لاقتناء أدوات بسيطة كالصنارة أو الشبكة.
  • يرسم صورًا لعناصر البيئة الطبيعية أو يجمع صورها.
  • يستمتع ببرامج التليفزيون التي تهتم بالبيئة الطبيعية، كعالم الحيوان وغيره من البرامج.
  • يقتني الكتب والمجلات المصورة عن البيئة الطبيعية.
  • لديه اهتمام خاص بالصحراء والبحار والسماء والنجوم وغيرها من عناصر البيئة الطبيعية.
  • كثير التساؤل عن عناصر البيئة الطبيعية لماذا يحدث؟ ما علاقة شيء بآخر؟... الخ
  • يهتم بمتابعة ما يتناول المحميات الطبيعية، وجمعيات الرفق بالحيوان، والحيوانات المنقرضة.
  • يستخدم كل حواسه في اكتشاف عناصر البيئة الطبيعية.
  • هذه الخصائص تصف جانبًا مهمًا من ذكاء التناغم مع البيئة الطبيعية، ولا ندعي أن أطفالنا لديهم كل هذه الخصائص، بل ولا ندعي أن لدينا كل هذه الخصائص.. فكل منا لديه شيء منها، أو قدر منها؛ لأن كلاً منا لديه قدر من ذكاء التناغم مع البيئة.

وهنا نتوقف ونتساءل: ما مدى اهتمامنا بهذا الجانب، سواء في شخصيتنا، أو شخصية أطفالنا؟ وما مدى حرصنا على تنميته، من منا يلاحظ هذا الجانب لدى أطفالنا؟ ومن منا يشجعه؟ نحن نشجع أطفالنا على تعلم المواد الدراسية، ونعدهم لذلك منذ الطفولة المبكرة، نحن نشجع أطفالنا ونعدهم لتعلم الآداب الاجتماعية، أو ممارسة الرياضة.. ولكن هل نعدهم للتناغم مع البيئة الطبيعية؟ هل نوفر لهم الفرص التي تنشط لديهم هذا التناغم؟ لقد اكتسحت التكنولوجيا ثقافتنا المعاصرة، فتراجعت أمامها العلاقة الحميمة بين الإنسان وبيئته الطبيعية. ولكن إذا كان عصر المعلوماتية يتطلب التناغم مع التكنولوجيا المتقدمة، فإن جودة الحياة في عصر المعلوماتية تتطلب التناغم مع البيئة الطبيعية، ولا بد للأسرة والمدرسة أن تتيح أفضل الفرص للأطفال كي ينمو ذكاء التناغم مع الطبيعة لديهم.

هناك حركة عالمية هدفها تنمية ذكاء التناغم مع الطبيعة، وتأخذ هذه الحركة أشكالاً متعددة، نكتفي منها بمثلين مختصرين، الأول برنامج شبكة التربية البيئية لأنهار العالم Global Rivers Environmental Education وتختصر الحروف الأولى لتصبح Network Green.
وقد بدأ هذا البرنامج عام 1980 بالولايات المتحدة الأمريكية، ومنها انتشر إلى 136 دولة، تشترك فيه الحكومات والجمعيات الأهلية، ويطبق هذا البرنامج في العديد من مدارس الدول الـ 136.

وفي إطار هذا البرنامج يقوم التلاميذ بأنشطة لتعرُّف البيئة الطبيعية خارج أسوار المدرسة، وتشمل هذه الأنشطة زيارات لمصادر المياه، حيث يشجع التلاميذ على أخذ عينات يقومون بتحليلها بأبسط الطرق والأدوات تحت إشراف المعلمين، حتى ينمو لديهم الوعي بأهمية المياه وخطورة التلوث منذ طفولتهم، ويتضمن البرنامج خبرات وأنشطة عن تنقية المياه، وتحلية مياه البحر، وإعادة استخدام مياه الصرف، ومصادر الهدر، والقيمة السياسية والاقتصادية للمياه. ويشمل هذا البرنامج الأطفال في مراحل الدراسة الأولى.

التجربة الثانية، وتسعى لتعميق علاقة الطفل ببيئته، ويمكن لأي معلم القيام بها. يحضر كل طفل حبلاً طوله متر، ويقوم باستخدامه كمحيط أو سور لمربع في أي مكان في حديقة المدرسة (فناء)، ويطلب المعلم من الأطفال أن يتوقعوا ما سوف يجدونه في داخل المربع، يذهب كل طفل إلى حيث يريد في فناء المدرسة، ويقوم بعمل ملاحظة دقيقة تحت إشراف وتوجيه المعلم لكل ما يجده داخل حدود مربعه. وبعد العودة إلى الفصل يذكر كل طفل ما وجده، وينشط المعلم المقارنة بين الأطفال، فيقارن كل طفل ما توقعه بما وجده، أو يقارن ما وجده بما يتمناه، أو يقارن ما وجده بما وجده زميله، ومن هنا تبدأ تدريبات كثيرة، فقد يقرر الأطفال عدم رضاهم عما وجدوه، ورغبتهم في تغيير هذه البيئة، ويقدمون مقترحاتهم، وقد يبدءون فعلاً في تعديل البيئة في حدود ما تسمح به قدراتهم وإمكانيات المدرسة.

قبل أن أستطرد في الحديث أو التعليق على هاتين التجربتين أضع نفسي مكان القارئ، فقد يرى أن هذه التجارب تتطلب مناخًا تربويًا لا يتوافر في فصول تضم سبعين طفلاً في بعض الأحيان، بعضهم لا يجد مقعدًا، وفي مدرسة امتلأت بالمباني، فلم يعد هناك موضع لتجربة أو ملاحظة في فناء أو حديقة، ومن ثم يكون عرض هاتين التجربتين ضربًا من الخيال.

وهذا أمر برغم أنه واقع، فإنه مردود عليه، فالتجربتان تقدمان توجهًا غير ملزم، كما تمثلان ما يحدث في العالم الذي نعيشه, أو العالم الذي سيعيشه أبناؤنا وأحفادنا. إن تنمية ذكاء التناغم مع الطبيعة ليست ترفًا، وإنما هي في جوهر بناء التفاعل الإيجابي بين الإنسان وبيئته الطبيعية بكل ما يحمله هذا التفاعل من معنى الوجود الإنساني.

يضيف المهتمون بتنمية ذكاء التناغم مع البيئة الطبيعية قائمة من العناصر يمكن للآباء والمعلمين أن يوظفوها من أجل تعميق وعي الأطفال وتنمية ذكائهم، وسوف نذكر هذه القائمة باختصار شديد، وللمهتمين أن يتخذوا منها نقطة بدء يبنون عليها من المعارف والأنشطة ما يناسب أطفالهم، في هذه القائمة لبحث عن المعرفة بما يدرب الطفل على البحث، وينمي لديه حب الاستطلاع.. ندعوك لتشارك طفلك في البحث عن معرفة عناصر البيئة الطبيعية، مثل: الفلك، الحيوانات، الطيور، الفراشات، المحميات الطبيعية، الصحراء، الأرض، الأسماك، الزهور، الغابات، الزراعة، المعادن، الحشرات، البحيرات، الجبال، المحيطات، المحاصيل، الأنهار، الصخور، فصول السنة، البذور، القواقع والأصداف، النجوم، المد والجزر، الأشجار البراكين، المناخ، الحياة البرية.

هذه بعض عناصر البيئة الطبيعية، كيف تنمي اهتمام طفلك بها؟ كيف ينمي هذا الاهتمام معلومات طفلك وتفكيره وخياله؟ كيف نساعد الطفل على أن يعمق وعيه بالبيئة الطبيعية؟ فكلما تعمق وعي الطفل ببيئته الطبيعية. تعمق وعيه بالخالق، وبذاته.

اقرأ المزيد »

تاثير الالعاب الالكترونية والحاسوب علي طفلك

http://www.banaat.com/image/computer-kid.gif

تساهم الألعاب المختلفة التي يستخدمها الأطفال بشكل أو بآخر في نموهم العقلي وتطور من طرق التفكير لديهم.

وينبغي التعامل بحذر مع الألعاب التي يستخدمها أطفالنا، خصوصا الألعاب المستحدثة كألعاب الفيديو والحاسوب، والتي تحتوي على كم كبير من مشاهد العنف كالقتل وغيرها.

وأثبتت الدراسات الحديثة وجود العديد من السلبيات لتلك الألعاب لعل أبرزها تنمية السلوك العدواني لدى الطفل.

وجرت خلال العشرين عاما الماضية العديد من الدراسات للوقوف على مدى تأثير المشاهد العدوانية في السينما والتلفزيون وألعاب الفيديو والحاسوب على شخصية الطفل وسلوكه.

وأشارت نتائج تلك الدراسات إلى وجود تأثيرات سلبية بالفعل لتلك الوسائل ككل، لكن مع وجود زيادة واضحة للتأثيرات السلبية لألعاب الفيديو والحاسوب وذلك لطبيعتها التفاعلية مع الطفل.

ووجدت الدراسات أيضا بأن مشاهد العنف في هذه الوسائل تزيد من العدوانية لدى الطفل على المدى القصير، من خلال التأثير على حالة الطفل الداخلية بزيادة التهيج المؤقت لديه أو بإيصاله لحالة من العدوانية البسيطة.

وحاول الباحثون معرفة ما إذا كانت هناك تأثيرات سلبية لتلك الوسائل على قدرات الطفل المعرفية نظرا لكون التعليم لديه يعتمد على كيفية تفهمه لحدث معين وقع في المنزل أو المدرسة، وترجمة هذا الحدث، وأخيرا الحكم عليه إن كان بالسلب أو الإيجاب.

وتبين وجود تأثيرات سلبية واضحة لألعاب الفيديو والحاسوب على القدرات المعرفية لدى الطفل للأسباب التالية:

• القدرة الاستحواذية شبه الكاملة لهذه الألعاب على إدراك الطفل وتفاعله خلال فترة اللعب.

• مكافأة الطفل بمزيد من السلوكات العدوانية عند تحقيق انتصار معين.

• ترسيخ مشاهد العنف التي تحتويها اللعبة في ذهن الطفل وذلك بسبب تكرار لعبها عدة مرات في اليوم الواحد.

وبحسب علماء النفس، فإن تلك الوسائل الثلاث (التفاعل والمكافأة والتكرار) تؤثر وبشكل واضح على تنمية قدرات الطفل المعرفية. إلى جانب ذلك، يوجد مصطلح في علم النفس يسمى التعلم الاجتماعي (Social Learning‏)، والذي يعني اكتساب الطفل للمعرفة عن طريق تقليد ما يدور حوله من دون إدراكه لطبيعة الحدث الذي يقوم بتقليده، الأمر الذي يوضح مدى التأثير السلبي الذي يقع على الطفل عند ممارسته هذه النوعية من الألعاب التي ترتكز على الكثير من مشاهد العنف.

وأثبتت العديد من الدراسات وجود مفاهيم خاطئة تتولد لدى الطفل عند ممارسته تلك الألعاب ومنها:

• جميع المشاكل التي تعترضنا هي عبارة عن مشاكل قابلة للحل من خلال اكتساب المزيد من القدرات الجسدية.

• أفضل طريقة لحل مشكلة معينة هي التخلص النهائي من المسبب لتلك المشكلة.

• لا يمكن مناقشة الأحداث التي تصادفنا، فهي إما صحيحة كليا أو خاطئة كليا.

• يفضل استخدام القدرات الجسدية بدلا من الذهنية لحل المشاكل التي تواجهنا.

وهذا يؤكد أن التأثيرات السلبية لتلك الألعاب لا تقتصر على الجانب السلوكي، وإنما تصل لمحاولة ترسيخ مفهوم إمكانية حل المشاكل بطرق بعيدة عن الأخلاق واحترام الآخر.

أما فيما يتعلق بالكيمياء الدماغية، فقد وجدت الدراسات بأن طبيعة المشاهد التي تمر على الطفل أثناء فترة نموه تؤثر وبشكل كبير على طريقة تعاملاته الاجتماعية، علما بأن هذه التأثيرات تستمر مع الطفل إلى سن المراهقة.

وعلى الجانب الجسدي، وجد الباحثون أن هنالك ارتباطا وثيقا بين زيادة عدد ساعات ممارسة ألعاب الفيديو والحاسوب وبين العديد من الأمراض كالسمنة ومشاكل العضلات والعمود الفقري.

اقرأ المزيد »

الأحد، 6 سبتمبر 2009

أثر الحاسوب في تنمية مواهب الاطفال


الطفولة هي المرحلة التي يمر بها الانسان لتكون البراءة والعفوية السمتين المعبرتين عن تلك المرحلة، وهما صفتان تلازمان شخصية الطفل، وفي الوقت ذاته هي المرحلة التي يشعر فيها الانسان بوجوده في الحياة والكون

فتأخذه روح التطلع الى مديات بعيدة تجعله يسأل عن الاشياء، ففي دماغه فكر وفن وفي عيونه شعر، بحيث يشعر الولدان الاوسع قدرا في المعرفة وشؤون الحياة بانهما قزمان امام عملاق، وهذا الشعور هو الذي يدفع الاب والام الى الاهتمام الكبير في ان يرتقي طفلهما اعلى المستويات التربوية والمعرفية والعلمية في الحياة .

ولان الطفل اهم عنصر في الاسرة لذلك نرى ان يشغل الطفل عصره الذي يعيش اجواءه وان يكون على مقربة من ادواته كي يستطيع التآلف معها واستخدامها الاستخدام الأمثل لصالحه، وبالتالي تعميم الفائدة على مجتمعه ووطنه.
في عصر تقنية الحاسوب والمعلومات، وهي بحد ذاتها تقنية تمتلك اعلى مراتب العلم والتقدم، اذا ما استثمرت تلك المصادر بالشكل الصحيح والسليم فان ثمة خدمة عظيمة ستقدم للانسان والبشرية برمتها . لقد اصبح العلم والتطور محور حياتنا ومغزاها، فلا يمكن للانسان ان يتطور من دون علم ولا يمكن ان يشعر بتقدمه في العلم ما لم يواكب التطور .
الاهتمام العلمي بالطفل جانب مهم من جوانب الحياة المختلفة لا بل هو سلاح جديد من اسلحة الحياة لا تختلف في اهميتها عن الاسلحة الاخرى.
وكما يقول المثل(التعلم في الصغر كالنقش في الحجر) فان تعرف الطفل على الحاسوب وامكانياته امر ضروري فالطفل في عمر 5-10 سنوات، في سبيل المثال، ليس على عاتقه ان يكتب برامج حاسوبية، لكن يجب ان يعرف اهمية مثل هذا الجهاز، وكيف يمكن ان يلبي متطلبات حياة العصر الذي يعيشه عصر الحاسوب والمعلومات، والحاسوب هو وسيلة من وسائل تلقي الانسان للمعلومات.
كيف يمكن ان نجعل من الطفل انموذجا للطفل الذي يملك روح العصر ؟ نجد من الواجب ان ننمي مواهب الانسان مذ هو طفل على الجوانب العلمية وفي مجال الحاسوب على وجه الخصوص، لاننا سنحقق المكسب الحقيقي الكبير وهو اعداد هذه الاجيال لتشق طريقها في الاسهام في عملية البناء السليم للمجتمع، الحاسوب لا يمكنه باي شكل من الاشكال ان يعزل الطفل عن اسرته ومجتمعه.
وفي هذا الصدد نعتقد ان وجود حاسوب في الاقل في كل روضة من رياض الاطفال اصبح امرا ضروريا ومهما كي يتعلم الطفل اهمية هذا الجهاز حتى وان تعلم ممارسة الالعاب عليه، ويتعلم ان يتكلم باللغة والمصطلحات في مجال الحاسوب وكيف يشغل برنامج من اقراص ليزرية مدمجة (CD. ROM ) وان يرى صورته الشخصية مثلا في الحاسوب، وكيف تم ادخالها اليه وظهورها على الشاشة، لاسيما اذا كانت هناك كاميرات تصوير رقمية او عن طريق الماسح الضوئي .
وفي ذلك تقدم النصيحة بان لايجعل الطفل يعمل على الحاسوب او على شبكة الانترنت بشكل يصبح الامر فيما بعد ادماناًعلى الانترنت، بما تؤثر على صحته” عيونه ومفاصله وفقرات عنقه “ ونظراً لاندماج الاطفال بالعمل على الحاسوب فان وجبات طعامهم ستتضارب ويصيبها الخلل هذا اذا لم يمتنعوا اصلا عن الاكل والشرب جراء هذا الاندماج، ويجب كذلك ان لاتبعده عن مذاكرة دروسه ومراجعتها.
ومن اجل عمل متقن خال من الشوائب نجد من المناسب ان تكون هناك تنقية لمواقع شبكة الانترنت التي تتعارض قيم معلوماتها مع قيم مجتمعنا ويجري ذلك من خلال التصفح للمواقع المختلفة في الشبكة ومنع الوصول اليها. كما يجب الحث على الدخول الى الشبكة في اوقات قصيرة مع ضرورة ان لا يكون العمل بشكل ادمان لما يلحقه من اضرار صحية، وان كانت اضراره اقل بكثير من اضرار الادمان على التدخين. وبخصوص احبتنا الاطفال يفضل عمل جدول ينظم عملهم على الحاسوب.
مثل هذه الامور وسواها لو تعلمها الطفل وهو في هذه السن تزيده شجاعة في التعامل مع هذا الجهاز بما يخدمه مستقبلا للتعامل معه تعاملا علميا صحيحا. فالطفل بطبيعته السيكولوجية تواق لمعرفة بواطن الاشياء، وعلى ولي الامر اذا ما لاحظ ان طفله ذو وهبة في الحاسوب فعليه السعي في تنمية هذه الموهبة وتطويرها لانها لا تختلف عن موهبة الرياضي والفنان والمهندس وبالتالي يأخذ مكانه اللائق في المجتمع، فمن واجبات المربين ان يغرسوا فصيلة الثقة في نفوس ابنائهم وتشجعهم على المثابرة والاقدام.
ليس الى هذا الحد فحسب بل دخل الحاسوب في الدراسة الابتدائية بمناهج تربوية علمية اعدت لهذا الغرض، وتوسعت المناهج الدراسية في دراسة الحاسوب والبرمجيات في المدارس المتوسطة والثانوية بشكل اوسع مما هي عليه قبل سنوات لمواكبة التطور المستمر في هذا العلم الحيوي.
الامر الاخر هو الجانب الاعلامي لزيادة الوعي الثقافي للاطفال في مجال الحاسوب والبرمجيات، لذلك نرى كيف تلعب وسائل الاعلام المرئية والمقروءة دورا فاعلا في هذا لدى اطفالنا. ومن ذلك نذكر وضع برامج تلفزيونية مخصصة عن الحاسوب للاطفال فيها متعة في اسلوب العرض. وهذه ستنمي، بكل تاكيد، مواهب الطفل وستزيد من تطلعاته الثقافية والعلمية وهو في هذه السن، وستجد هذه الخطوة تاثيرها الفعال مستقبلا عندما يصبح هؤلاء الاطفال سبابا ورجالا في حقول العلم المختلفة.
وألعاب الفيديو من الامثلة الشاهدة على هذا التقارب، فبالأمس كنا نشاهد افلام الرسوم المتحركة فقط في التلفزيون، في حين تجد في عصر الحاسوب والمعلوماتية بإمكان الطفل ان يشاهد افلام الرسوم المتحركة في اي وقت عبر الحاسوب. وليس الفيديو فقط حالة من حالات التقارب بينه وبين الاقراص الليزرية المدمجة (CD-ROM) وانما الاقراص الفيديوية الرقمية (DVD) تمثل مثالا اخر لهذا التقارب.
ومن الجدير بالذكر ان هناك الكثير من الالعاب الحاسوبية الثقافية، فضلا عن الموسوعات الثقافية والانظمة الحاسوبية التعليمية التي تنتجها الشركات المتخصصة في صناعة البرمجيات مخزونة على اقراص حاسوبية مدمجة (CD-ROM) وقد اعدت سبيلا سريعا لتعليم وتثقيف الاطفال كي تساعد في تنمية العملية الثقافية على حد سواء.

اقرأ المزيد »

دور الأسرة في تنمية مواهب الطفل وإبداعاته


الطهراوي: تلعب الأسرة دورا كبير في تشجيع الطفل على تنمية مواهبه
الرزي: السنوات الخمس الأولى المكون الرئيس لشخصية الطفل
فلسطين المحتلة ـ غسان الشامي:
الموهبة والإبداع عطيَّة الله تعالى لجُلِّ الناس، وبِذرةٌ كامنةٌ مودعة في الأعماق؛ تنمو وتثمرُ أو تذبل وتموت، كلٌّ حسب بيئته الثقافية ووسطه الاجتماعي. وتعد الأسرة المسؤولة الأولى عن تنمية المواهب الإبداعية عند الطفل، وهي مسألة تقع ضمن مهام الأمهات والآباء في آن واحد، ولكن هذه العملية تحتاج إلى نوع من امتلاك الفراسة الممكنة للوصول إليها واكتشافها وبالتالي الاهتمام بها وتنميتها, ويعد وقت الفراغ هو الوقت الأكبر لدى الطفل والذي يمارس فيه هوايته ومواهبه المحببة فكيف تتعامل الأسرة مع مواهب الطفل؟ وما هو الدور المنوط بها تجاه الطفل؟
هذه التساؤلات وغيرها نحاول الإجابة عليها من خلال هذا التقرير.. دراسة حديثة
وفقاً لأحدث الدراسات تبيَّن أن نسبة المبدعين الموهوبين من الأطفال من سن الولادة إلى السنة الخامسة من أعمارهم نحو 90%، وعندما يصل الأطفال إلى سن السابعة تنخفض نسبة المبدعين منهم إلى 10%، وما إن يصلوا إلى السنة الثامنة حتى تصير النسبة 2% فقط. مما يشير إلى أن أنظمةَ التعليم والأعرافَ الاجتماعيةَ تعمل عملها في إجهاض المواهب وطمس معالمها، مع أنها كانت قادرةً على الحفاظ عليها، بل تطويرها وتنميتها. طفلتي صديقتي
تقول أم محمد (35 عاما) ـ وهي أم لخمسة أطفال ـ إن لديها طفلة تحب كتابة الشعر والقصائد وإنها تشعر أنها صديقة لابنتها حيث إن ابنتها تقرأ لها الشعر وللأسرة عندما تكون الأسرة مجتمعة. وتقول: أقدم النصيحة والرأي لها فيما تقوله وأعمل دوما على تشجيعها وحثها على الاستمرار في الكتابة، بل وأجلب لها القصص والكتب التي تنفعها في ذلك وتعمل على تنمية قدراتها ومواهبها الكتابية.
وتنصح أم محمد الأهل والأمهات بمتابعة أطفالهم وأن يكونوا الآذان الصاغية لهم وأن يشجعوهم على القيام بمختلف نشاطاتهم وهوايتهم.. مضيعة للوقت
بينما تقول نادية (30 عاما) إن لديها طفلا يبلغ من العمر ست سنوات، يحب ممارسة الرسم وليس رسما عاديا ولكنها لا تحب أن تراه يرسم لان الرسم من كوجهة نظرها الخاصة هو مضيعة للوقت وبما أنه متفوق يجب أن يكون وقته مخلد فقط للدراسة والحفظ.
الطفل أحمد (11عاما) تابعناه وهو يمارس هوايته المفضلة في إحدى المكتبات الخاصة بالأطفال وقال: إنني يوميا أحرص على الذهاب إلى المكتبة ومطالعة القصص، بل والكتابة في الشعر من خلال مطالعتي للقصص، وإن مدرسيي في المدرسة يشجعونني على المطالعة والقراءة بما أنني مجتهد ودوما يشجعونني على الذهاب للأمسيات الثقافية والمنتديات واللقاءات... تأثير سالب
وعند تجولنا في أحد شوارع مدينة غزة وجدنا "حسام" (14 عاما) ورفاقه يتجمعون ليذهبوا إلى أحد الملاعب القريبة من مساكنهم ليمارسوا هوايتهم المفضلة وهي لعبة كرة القدم، اقتربنا منهم وسألنهم حول هذه الهواية فقالوا إنهم ينتظرون وقت ممارستها بشغف وأنها المتنفس الوحيد لديهم حيث يجدون بها الراحة النفسية.
ولكن لعبة كرة القدم في وجهة نظر أحد الآباء ربما تؤثر سلبا على مستوى الأطفال التعليمي، فهم مولعون جدا بها، وبمجرد انتهاء يومهم الدراسي يجهزون أنفسهم للذهاب إلى ملعب دون تخطيط أو ترتيب من قبلهم وهذا يرجع بالتأثير السالب على حياتهم الدراسية كونهم في بدء حياتهم التعليمية.. الطفل الفلسطيني
ربما الحياة التي يحياها الطفل الفلسطيني تختلف عن غيره من أطفال العالم الذين يمارسون هوايتهم المفضلة ويعملون على تنمية مواهبهم وقدراتهم في ظروف عادية، بينما الطفل الفلسطيني يحيا ظروفا غير عادية من قصف وتدمير وتخريب لمراكز وأماكن الترفيه له، فعند سؤالهم عن كيفية حياتهم في ظروف القصف والتدمير والتخريب يقولون: مواهبنا أصبحت: كيف نقارع الاحتلال ونواجهه ونساعد أهلينا في معاناة حياتهم اليومية. فحسب إحصائيات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان لعام 2003 فقد استشهد114 طفلا علاوة على الأسرى والجرحى والمصابين.
لهذا فإن الطفل الفلسطيني يعاني معاناة شديدة من وطأة الاحتلال الذي يعمل على قتل مواهبه ووأدها في مهدها. موهبة من الله
وحول هذا الموضوع كان لنا لقاء مع أ."جميل الطهراوي" ـ رئيس قسم الخدمة الاجتماعية في الجامعة الإسلامية بغزة ـ قال إن الهواية تعني ميل الإنسان إلى موضوع معين يجد في نفسه الرغبة فيه، وهي موهبة من الله سبحانه وتعالى، ولكن هذه الموهبة تنمى وتصقل بالتدريب والمران.
وأضاف أن البيئة والمجتمع لهما الدور الكبير في الكشف عن مواهب وهوايات الطفل، من خلال ملاحظتهما له ومتابعته، ونحن بدورنا يجن ألا نغفل الظروف البيئية المحيطة فهي لها تأثير على الطفل بشكل كبير، وخاصة عندما يرى أباه يمارس لعبة معينة أو فنا معينا فهو قد يقلده وتصبح له هواية... دور الأسرة
وتحدث الطهراوي عن تجربة خاصة عندما كان طفلا فهو يعشق الرسم والخط، فكان يجد تشجيعا من أسرته على الاستمرار في هذه الهواية إلى أن أصبح ماهرا بها..
وحول دور الأسرة تجاه تنمية هوايات الطفل ومواهبه يقول: أولا: الكشف عن هذه المواهب والقدرات وذلك من خلال الملاحظة والمتابعة، فالبيئة غنية بالمثيرات التي قد تكتشف مواهب الطفل وإبداعاته, أيضا يقع على عاتق الأسرة توفير الأجواء الملائمة والإمكانيات المناسبة لهذا الطفل، والعمل باستمرار على تشجيعه لممارسة هذه الهواية ولو بشكل معنوي. ثم يقع على عاتق الأسرة التعزيز وهو عبارة عن مكافأة الطفل حتى يكرر ممارسة هوايته ويتشجع.
ناصحا الأسرة بأن تتيح للطفل ممارسة هواياته ومواهبه دون إعاقة أو أية ضغوطات قد تؤثر على نشاطه وتنعكس عليه سلبا.
وأضاف الطهراوي أننا يجب ألا ننسى دور الأبوين في تنمية مواهب الطفل وهواياته فعندما يجد الطفل منهما الاعتزاز والتقدير فإنه يتشجع على ممارسة هوايته المفضلة، ولكن يجب أن يكون هذا الدور في حدود المتاح.
وفي السياق ذاته تحدثت لنا الدكتورة "مي نايف" ـ الناشطة المجتمعية حول دور الأسرة في تنمية مواهب وهوايات الطفل وتطويرها ـ حيث أكدت أن للأسرة دورا كبيرا في تنميه هذه الهوايات والمواهب والمحافظة عليها ومتابعتها وتحبيبها للطفل، مشيرة إلى أنه يجب أن يكون هناك جلسة شبه أسبوعية لكافة أفراد الأسرة لمناقشة المواهب والهوايات عند الأبناء وكيفية تطويرها. دور البيئة
تؤثر البيئة التي يعيش فيها الطفل تأثيرا مباشرا في تنمية مواهبه واكتشاف طاقاته، فالبيئة المتنوعة الأنشطة تعمل على توسيع مداركه. وإذا لم تكن كذلك تضمر وتخبو مواهبه.
وحول دور البيئة في تنمية مواهب الطفل قالت الدكتورة مي نايف إن البيئة لها دور كبير في هوايات ومواهب الأطفال فالبيئة في فلسطين تختلف عن البيئة في أي بلد آخر فالطفل عند يشعر بالعنف البيئي جراء ما يشاهده وما يسمع به من قصف وتدمير وقتل من قبل قوات الاحتلال فلاشك أن مثل هذا الشيء يترك أثر في نفسية الطفل وأيضا شعارات الجدران والرسومات لها تأثير فضلا عن قلة أماكن الترفيه عندنا وصعوبة الأوضاع، خاصة في أيام الاجتياحات ومنع التجوال والحواجز من قبل جنود الاحتلال، كل هذا له آثاره السالبة على الأطفال وعلى ممارسة هوايتهم المفضلة.
وألقت الدكتورة مي نايف اللوم على بعض الأسر التي كانت تقف موقف سالبا تجاه ممارسة أحد أبنائها لهوايته، وخاصة البنات، وذكرت لنا حالات لبنات في سن الرابعة عشر هوايتهن كتابة الشعر ولكنهن وجدن إحباطا من قبل الأهل وعدم تشجيع لممارسة هوايتهن. انعكاس لشخصيته
يبين الطهراوي أن الهواية التي يمارسها الطفل ويتفوق بها هي انعكاس لشخصيته وانعكاس لما يشعر به، ويكون نوعا من الإعلاء عند الكبار؛ لكي ينال إعجاب الآخرين وتقديرهم واعتزاز به، مشيرا إلى أن أجمل شيء في هذه الحياة أن يدرس الإنسان ما هو موهوب فيه.
وطالب الطهرواي كافة مؤسسات المجتمع وشرائحه بالبحث عن الأطفال أصحاب الهوايات الخاصة وأصحاب المواهب والفكر الإبداعي، وأن تعكف على الاهتمام بهم وتقديم لهم الدعم المادي والمعنوي، وبذلك نستطيع أن ننمي مهاراتهم وقدراتهم الإبداعية. أهمية كبرى
ويقول "عماد الرزي" ـ منسق خدمات المكتبة بمركز القطان للطفل ـ إن السنوات الخمس الأولى تعتبر ذات أهمية كبرى في حياة الطفل حيث تصقل شخصيته في شتى أنواع المعارف والعلوم، ويتعلم في هذه المرحلة مجموعة كبيرة من العادات والتقاليد، فهي تشكل 85% من معارف الطفل وإبداعاته، مشيرا إلى دور الأهل الأساسي والذي يمكن أن يطور اتجاه الإبداع عند الطفل..
وأضاف الرزي أن الأكثر الهوايات محببة لدى الأطفال هي هوايات اللعب، وهو يعتبر ضروريا جدا وليس مضيعة للوقت كما يعتقد الآخرون، فاللعب عبارة عن مهارة مركبة تحتوي في طياتها على الأداء الحركي والأداء الذهني والأداء الاجتماعي حيث يجتمع الطفل مع أقرانه وأصدقائه. تأثير الأصدقاء
وحول تأثير الأصدقاء على هوايات الطفل وتنمية هذه الهوايات وصقلها قال إن للأصدقاء تأثيرا على هذه الهوايات والمواهب، وتجعل هناك تفاعلا من قبل الطفل مع غيره، ولكن قبل الأصدقاء هناك الإخوة في البيت، والذين هم بمثابة القدوة له، ثم بعد الإخوة تأتي مرحلة الأصدقاء والتي يكون لها تأثير على سلوكيات الطفل ومهارته إما سلبا أو إيجابا.
من هنا نقول إن تنمية مواهب وهوايات الطفل يقع بالأساس على الأسرة بالدرجة الأولى في متابعة الأطفال وتشجيعهم على الاستمرار في ممارسه هوايتهم..
وأن المواهب هي هبة ربانية من الله سبحانه وتعالى يمنحها لمن يشاء من خلقه، ولكن هذه المواهب تحتاج إلى من يرعاها ويحافظ عليها؛ حتى تجني للإنسان والمجتمع الذي يعيش فيه الخير، وهو الدور الأساسي المنوط بالأسرة منذ اكتشاف الموهبة عند أحد أبنائها.
اقرأ المزيد »

مسابقة استعراض مواهب الأطفال 57357

رغم ما تمر به العراق من أزمات حرب وصراع وقتل وتحطيم .. إلا أن الأطفال الصغار استطاعوا أن يعزفوا لحن جميل على أوتار القلوب .. ليعبروا بنا من مشاعر الأسى لاحتلال العراق والأسر وسفك الدماء.. إلى الإحساس المتدفق بالحب والعطاء.. ليثبتوا لنا أن البناء يتحقق عن طريق آخر غير العنف.... وهو السلام والأمن والإبداع أيضا..

فقد تعانق الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ، والأطفال مرضى السرطان مع الأطفال الأسوياء الأصحاء.. التحمت الأصوات الثلاثة في التقاء مبهر تردد مفردات الحلم الكبير .. حلم بناء مستشفى 57357 .. الهدف النبيل الذي يدفع القلوب الدافئة لتحقيقه بحب وعطاء لا حدود له..

تعانقت الأيدي وتوحدت القلوب وتكاتف الأطفال بجميع أعمارهم .. وكان نداء صارخ للإنسانية بأن يقف الجميع وقفة واحدة صامدة .. يدا بيد لبناء هذا الرمز الشامخ الذي تلتف حوله القلوب مرددة " إيدي في إيدك.. حلم ولادنا بين إيديك "...

كان الانطلاق في إستاد القاهرة الرياضي في الصالة المغطاة .. حين اشتركت 20 مدرسة خاصة ابتدائي واعدادي في مسابقات عديدة يمثلها خيال الأطفال .. تدور كلها حول مستشفى 57357 .. منها الرسم والتصوير والشعر والقصص القصيرة والغناء..

بدأ النشاط منذ أيام .. حيث ذهب الأطفال إلى موقع المستشفى ليرون أساسات الحلم على أرض الواقع .. ويتخيلون ما سيحدث بالداخل ويتصورون الشكل بعد اكتماله ويرسمون خيالهم ، ويبدعون في التصور والتصوير..

وكان الجميع في إستاد القاهرة يوم الجمعة الموافق 11 إبريل 2003 حيث أقيم الحفل في التاسعة صباحا واستمر حتى السادسة مساءا .. حضره أكثر من 700 تلميذ وتلميذة من أكثر من 20 مدرسة .. شارك فيه الفنان ماجد المصري والطفلة أميرة خالد وفريق سبايسي بيبي..

شمل اليوم مجموعة من الفقرات المنوعة ، فقد اشترك أطفال المدارس في تقديم المسابقات المختلفة في مجال الرسم ،والتصوير ،والشعر ،والقصة القصيرة والأغنية..

وقد تكونت لجنة تحكيم الرسم من الدكتور سالم صلاح الأستاذ بكلية الفنون التطبيقية ومدير متحف طه حسين ، والأستاذ الدكتور محمد طه حسين كلية الفنون التطبيقية ، والسيدة نادية المصري مشرفة التربية الفنية في جمعية الحق في الحياة ، والدكتور محمد شريف سعودي رئيس قسم الديكور والعمارة ..

وقد فازت بالمركز الأول الطفلة رنا هشام من مدرسة مينيس 6 سنوات ، أما المركز الثاني فازت به نوران أشرف 11 سنة مدرسة البشاير ، والمركز الثالث كان لإيمان حسين 13 سنة مصر للغات.. وقد عبرت لوحاتهم جميعا عن المستشفى الجديد 57357 ومدى إحساسهم بهذا المكان وأهميته للأطفال المرضى..

أما لجنة تحكيم الغناء فكانت من الفنانين أيمن أبو يوسف ويحيى غنام .. وفازت عن أغنية "هنعيش الحياة" بالمركز الأول مدرسة مانر هاوس ، والثانية مدرسة طلائع المستقبل ، والمركز الثالث مدرسة مينيس .. أما عن الأغاني الجديدة المقدمة للمستشفى .. فازت فيها بالمركز الأول مدرسة مينيس ، وفازت بالثاني مدرسة نفرتاري ، والثالثة كانت مدرسة بورسعيد..

وقد تفجرت طاقات الملائكة الصغار ذوي الاحتياجات الخاصة أطفال جمعيات الحق في الحياة والغد المشرق.. فقد قدموا أغاني للمستشفى عبروا فيها عن أملهم في شفاء الأطفال الصغار.. وفازوا بجوائز في الرسم

اقرأ المزيد »

المقترحات العشرة في تنمية مواهب الأطفال

http://www.aawsat.com/2004/08/30/images/ksa-local.252747.jpg
اعرف ابنك .. اكتشف كنوزه .. استثمرها

الموهبة والإبداع عطيَّة الله تعالى لجُلِّ الناس ، وبِذرةٌ كامنةٌ مودعة في الأعماق ؛ تنمو وتثمرُ أو تذبل وتموت ، كلٌّ حسب بيئته الثقافية ووسطه الاجتماعي .

ووفقاً لأحدث الدراسات تبيَّن أن نسبة المبدعين الموهوبين من الأطفال من سن الولادة إلى السنة الخامسة من أعمارهم نحو 90% ، وعندما يصل الأطفال إلى سن السابعة تنخفض نسبة المبدعين منهم إلى 10% ، وما إن يصلوا السنة الثامنة حتى تصير النسبة 2% فقط . مما يشير إلى أن أنظمةَ التعليم والأعرافَ الاجتماعيةَ تعمل عملها في إجهاض المواهب وطمس معالمها، مع أنها كانت قادرةً على الحفاظ عليها، بل تطويرها وتنميتها .

فنحن نؤمن أن لكلِّ طفلٍ ميزةً تُميِّزه من الآخرين ، كما نؤمن أن هذا التميُّزَ نتيجةُ تفاعُلٍ ( لا واعٍ ) بين البيئة وعوامل الوراثة .

ومما لاشكَّ فيه أن كل أسرة تحبُّ لأبنائها الإبداع والتفوُّق والتميُّز لتفخر بهم وبإبداعاتهم ، ولكنَّ المحبةَ شيءٌ والإرادة شيءٌ آخر . فالإرادةُ تحتاج إلى معرفة كاشفةٍ، وبصيرة نافذةٍ ، وقدرة واعية ، لتربيةِ الإبداع والتميُّز ، وتعزيز المواهب وترشيدها في حدود الإمكانات المتاحة ، وعدم التقاعس بحجَّة الظروف الاجتماعية والحالة الاقتصادية المالية .. ونحو هذا ، فـرُبَّ كلمـة طيبـةٍ صادقــة ، وابتسامة عذبةٍ رقيقة ، تصنع ( الأعاجيب ) في أحاسيس الطفل ومشاعره ،وتكون سبباً في تفوُّقه وإبداعه .

وهذه الحقيقة يدعمها الواقع ودراساتُ المتخصِّصين ، التي تُجمع على أن معظم العباقرة والمخترعين والقادة الموهوبين نشؤوا وترعرعوا في بيئاتٍ فقيرة وإمكانات متواضعة .

ونلفت نظر السادة المربين إلى مجموعة ( نِقاط ) يحسن التنبُّه لها كمقترحات عملية :
1- ضبط اللسان : ولا سيَّما في ساعات الغضب والانزعاج ، فالأب والمربي قدوة للطفل ، فيحسنُ أن يقوده إلى التأسِّي بأحسن خُلُقٍ وأكرم هَدْيٍ . فإن أحسنَ المربي وتفهَّم وعزَّز سما ، وتبعه الطفل بالسُّمُو ، وإن أساء وأهمل وشتم دنيَ ، وخسر طفلَه وضيَّعه .

2- الضَّبط السلوكي : وقوع الخطأ لا يعني أنَّ الخاطئ أحمقٌ أو مغفَّل ، فـ " كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاء "، ولابد أن يقع الطفل في أخطاءٍ عديدة ، لذلك علينا أن نتوجَّه إلى نقد الفعل الخاطئ والسلوك الشاذ ، لا نقدِ الطفل وتحطيم شخصيته . فلو تصرَّف الطفلُ تصرُّفاً سيِّئاً نقول له : هذا الفعل سيِّئ ، وأنت طفل مهذَّب جيِّد لا يحسُنُ بكَ هذا السُّلوك . ولا يجوز أبداً أن نقول له :أنت طفل سيِّئٌ ، غبيٌّ ، أحمق … إلخ .

3- تنظيم المواهب : قد يبدو في الطفل علاماتُ تميُّز مختلِفة ، وكثيرٌ من المواهب والسِّمات ، فيجدُر بالمربِّي التركيز على الأهم والأَوْلى وما يميل إليه الطفل أكثر، لتفعيله وتنشيطه ، من غير تقييده برغبة المربي الخاصة .

4- اللقب الإيجابي : حاول أن تدعم طفلك بلقب يُناسب هوايته وتميُّزه ، ليبقى هذا اللقب علامةً للطفل ، ووسيلةَ تذكيرٍ له ولمربِّيه على خصوصيته التي يجب أن يتعهَّدها دائماً بالتزكية والتطوير ، مثل :
( عبقرينو) – ( نبيه ) – ( دكتور ) – ( النجار الماهر ) – ( مُصلح ) – ( فهيم ) .

5- التأهيل العلمي : لابد من دعم الموهبة بالمعرفة ، وذلك بالإفادة من أصحاب الخبرات والمهن، وبالمطالعة الجادة الواعية ، والتحصيل العلمي المدرسي والجامعي ، وعن طريق الدورات التخصصية .

6- امتهان الهواية : أمر حسن أن يمتهن الطفل مهنة توافق هوايته وميوله في فترات العطل والإجازات ، فإن ذلك أدعى للتفوق فيها والإبداع ، مع صقل الموهبة والارتقاء بها من خلال الممارسة العملية .

7- قصص الموهوبين : من وسائل التعزيز والتحفيز: ذكر قصص السابقين من الموهوبين والمتفوقين، والأسباب التي أوصلتهم إلى العَلياء والقِمَم ، وتحبيب شخصياتهم إلى الطفل ليتَّخذهم مثلاً وقدوة ، وذلك باقتناء الكتب ، أو أشرطة التسجيل السمعية والمرئية و CD ونحوها .
مع الانتباه إلى مسألة مهمة ، وهي : جعلُ هؤلاء القدوة بوابةً نحو مزيد من التقدم والإبداع وإضافة الجديد ، وعدم الاكتفاء بالوقوف عند ما حقَّقوه ووصلوا إليه .

8- المعارض : ومن وسائل التعزيز والتشجيع : الاحتفاءُ بالطفل المبدع وبنتاجه ، وذلك بعرض ما يبدعه في مكانٍ واضحٍ أو بتخصيص مكتبة خاصة لأعماله وإنتاجه ، وكذا بإقامة معرض لإبداعاته يُدعى إليه الأقرباء والأصدقاء في منزل الطفل ، أو في منزل الأسرة الكبيرة ، أو في قاعة المدرسة .

9- التواصل مع المدرسة : يحسُنُ بالمربي التواصل مع مدرسة طفله المبدع المتميِّز ، إدارةً ومدرسين، وتنبيههم على خصائص طفله المبدع ، ليجري التعاون بين المنزل والمدرسة في رعاية مواهبه والسمو بها.

10- المكتبة وخزانة الألعاب : الحرص على اقتناء الكتب المفيدة والقصص النافعة ذات الطابع الابتكاري والتحريضي ، المرفق بدفاتر للتلوين وجداول للعمل ، وكذلك مجموعات اللواصق ونحوها ، مع الحرص على الألعاب ذات الطابع الذهني أو الفكري ، فضلاً عن المكتبة الإلكترونية التي تحوي هذا وذاك ، من غير أن ننسى أهمية المكتبة السمعية والمرئية ، التي باتت أكثر تشويقاً وأرسخ فائدة من غيرها
اقرأ المزيد »

القسوة من الرحيم

http://www.sarkosa.com/vb/imgcache/65229.imgcache.gif
تمهيد:
الحمد الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على معلم البشرية والرحمة المهداة نبينا محمد وعلى آله صحبه وسلم :
فإن عنوان المقال يثير الشعور بالوحشة والدهشة والغرابة والغربة !! فهل يحدث هذا في أمة الإسلام .. ومن أناس
يشهدون أن لا إله إلا الله ( الذي كتب على نفسه الرحمة )
وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء
( رحمة للعالمين ) .

حقيقة انه أمر غير مألوف وتنفر منه الفطرة السلمية وتقشعر منه القلوب الرحيمة ، فكيف تكون القسوة والعنف وممن ؟ وضد من ؟ ولكنها وبكل أسف ظاهرة أخذت حيزاً في الواقع وبرزت ملامحها على السطح وتوالت الأخبار عاصفة لتنذر بعواقب لا تحمد عواقبها ، تهز المجتمع وتهدد كيان الأسرة وتصيبها في مقتل هم فلذات الأكباد أطفال اليوم وأجيال المستقبل .
فإن نعمة الذرية والولد نعمة عظيمة لا يشعر بها كثير من الناس والذين تاه كثير منهم في طرقات الحياة وشغلته الدنيا يبحث عن سبل كسب العيش يبحث عن المال والاستثمار ، ولا يعرفون ما يجري في بيوتهم وهم الثوار الأحرار على أطفالهم في كل صغيرة وكبيرة ، فتضيق الصدور لأتفه الأسباب عند دخول البيت وعند الخروج منه فالويل لمن عصى والغضب لمن تمادى غير آبه ولا يدري ما ينتظره من عقاب ، بطش وفتك في غير رحمة وعقوبات قد تصل إلى السجن والإعدام أحياناً كما جاء في الأخبار وما فوجئنا وفجعنا به مؤخراً فمنها أب ضرب أبنه حتى كسر يده وآخر ضربه حتى فارق الحياة وكل هذا لأتفه الأسباب ، هذا فضلا عن السب والشتائم ، فهؤلاء والله المستعان قست قلوبهم ومات فيهم الشعور بالبراءة ونسوا أنهم كانوا يوما ما يعيشون في هذه المرحلة البريئة .
وحيث أن الطفولة مرحلة في غاية الحساسية والشفافية فالعقل لا زال في طور النمو والنضج والقلب صاف صفاء الماء العذب لا حقد ولا كراهية ، والنفس زكية طاهرة . فهي مرحلة أساسية في التربية وتنمية المواهب وغرس القيم والأخلاق الفاضلة وحسن المعاملة ، وهذه القيم إن لم يكتسبها الطفل من الأسرة والوالدين ـ المصدر الأساسي لها ـ على وجه التحديد فستضيق فرصته لتعلمها أو اكتسابها من الآخرين . وبالتالي سيختل سلوك الطفل مع مرور الزمن ويشعر الوالدين بعدها بالخطر وقد لا يخطر عليهم أنهم كانوا السبب في هذا الخلل يوما ما وبالتالي يختل تعامل الوالدين مع أبنائهم ، وهي حلقة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً تؤثر في بعضها البعض .
وأقول إن التربية فن راقي يتطلب الوعي والتوجيه السليم والصبر والحلم حتى يكون المربي قدوة ومرجعاً لتصحيح الأخطاء ومعالجتها بالحسنى والرفق ، والوالدين هم كالنور الذي يسير أمام الركب ليهتدي به أفراد الأسرة في ظلمات الحياة وطرقها ومداخلها ومخارجها فإن انطفئ هذا النور أو خفت ضوءه تاه الجميع ووقعوا في مطبات الحياة الوعرة وحفرها العميقة وعاشوا في ظلام الجهل والطيش؟؟ وليكون الوالدين قدوة أمام أطفالهم في أقوالهم وأفعالهم وفقاً للآداب والأخلاق الإسلامية فالأطفال مقلدون وأحياناً يفوقون :
أما تدري أبــانـا كل فـرع يجاري بالخطى من أدبــوه
وينشأ ناشئ الفـتيان مـنا على ما كـــان عوده أبوه
ولذا ينبغي أن يعي الوالدين دورهم وواجبهم تجاه أطفالهم وأن يتقوا الله في ذلك ، وأن يرعوهم حق الرعاية التي أمر بها الله عزّ وجلّ ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته ، وهذه المسؤولية ليست عبثية يفعل فيها المرء ما يشاء بل تستوجب التربية السليمة والمعاملة الحسنة وذلك لن يتحقق إلا باقتفاء أثره وسيرته صلى الله عليه وسلم في قوله وفعله فهما منهج حياتنا والمخرج من أزماتنا ومرجعنا في سائر شؤوننا الدنيوية والأخروية .

وهناك ثلاثة أحاديث لنبي الهدى والرحمة ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي لا ينطق عن الهوى ، وهي تمثل منهج متكامل ومرجع أساسي في التعامل الصحيح والسليم بين البشر وتساهم في ضبط سلوك الإنسان لتحقق التربية المتوازنة والخلق الكريم ، والواجب على كل مسلم أن يعمل ويقتدي بها وعلى التربويين أن يضعوها نصب أعينهم ، فأشير إليها بإيجاز :
الحديث الأول : الوصية النبوية الخالدة لذاك الرجل الذي جاء يلتمس الوصية والنصيحة من معلم البشرية فقال له نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : (( لا تغضب ، لا تغضب ، لا تغضب )) رواه البخاري ، فما أوجزها وصية وما أغلاها وما أجملها ، كررها صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات تأكيداً على أن الغضب والعنف خلق مذموم لخطورته على الإنسان في حياته وتعامله وسلوكه مع الناس وعلى صحته النفسية والجسدية فضلاً عن أن له نتائج وعواقب وخيمة لا سيما في مجال التربية لأنه يترك آثاراً سيئة في نفوس الأطفال قد تكبر معهم وتعقد حياتهم وتؤدي إلى إنحرف سلوكهم .

الحديث الثاني : قوله صلى الله عليه وسلم : (( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا )) رواه الترمذي ، فهو قول كالبلسم الشافي ينزل على القلوب برداً وسلاماً يداعب قسمتاها ويشفي قليلها لمن ألقى السمع وحمل في صدره قلب منيب ، فالرحمة الرحمة أيها الوالدين ولا شك أنكم ترجون رحمة الله تعالى وتطلبون الفرج والتيسير في أمور الحياة الدنيا والآخرة ، فارحموا أطفالكم يرحمكم الله ، وأعلموا أن من لا يرحم لا يرحم ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : (( جاءت امرأة إلى عائشة رضي الله عنها فأعطتها عائشة ثلاث تمرات فأعطت كل صبي لها تمرة وأمسكت لنفسها تمرة فأكل الصبيان التمرتين ونظرا إلى أمهما فعمدت الأم إلى التمرة فشقتها فأعطت كل صبي نصف تمرة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة فقال : وما يعجبك من ذلك ؟ لقد رحمها الله برحمتها صبييها )) رواه البخاري .

الحديث الثالث : قوله صلى الله عليه وسلم : ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه)) رواه مسلم ، وصية من ذهب ، فالرفق خلق عظيم وكريم وجميل بأن يترفق المسلم في أموره وتعامله مع الآخرين ففي ذلك زينة وجمال وورع ووقار ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( إن الله رفيق يحب الرفق ، وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وعلى ما سواه )) رواه مسلم ، ومن باب أولى أن يترفق الوالدين بأطفالهم في التعامل والعتاب والعقاب وذلك مدعاة ليكونوا بارين بوالديهم راقين في تعاملهـم وتصرفاتهم مع والديهم ومع الآخرين .

ومهما كانت الأسباب المؤدية إلى العنف فيجب على الوالدين أن يتحلموا ويتجملوا في كل موقف وأن يتحلوا باللباقة والأدب ، وأن يعزلوا أطفالهم تماماً ويبعدوهم عن مشاكلهم الخاصة وهمومهم الحياتية حتى لا يتأثروا بها وتنعكس على سلوكهم وتصرفاتهم ، وأن يعتمدوا منهج الحوار الهادئ في حل المشاكل والتوجيه وتصحيح الأخطاء ، وأن يتغاضوا عن الصغائر و يترفعوا عنها حتى يهيؤا جواً أسرياً معافاً ومستقراً ومناخاً تربوياً ينشأ فيه الطفل نشأة سليمة ً متوازنة .
والعلاقة بين الأطفال ووالديهم هي علاقة رقيقة متبادلة في الرحمة والشفقة والعطف يحتاجها الأطفال في صغرهم والوالدين عند كبرهم فقد قال الله تبارك وتعالى : { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } وهكذا تدور حلقة البر والرحمة بين الوالدين والأولاد .
وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا ،،،،،
اقرأ المزيد »

أطفالنا وحب الرسول صلى الله عليه وسلم

http://album.m3com.com.sa/showImage/view/ImageID/1000155223/size/500
تمهيد:

الحمد لله رب العالمين ، حمداً يليق بجلاله وكماله،حمداً على قدر حبه لرسوله الأمين، حمداً يوازي عطاءه للمؤمنين... والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين:
خاتم النبيين،وإمام المرسلين،وقائد الغُر المُحجَّلين؛ سيدنا محمد، وآله وصحبه،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،وبعد.
فقد فتُرت علاقة المسلمين - بمرور الزمن،وتتابع الفتن- برسولهم صلى الله تعالى عليه وسلم،حتى اقتصرت- في معظم الأحيان- على الصلاة عليه عند ذكره،أو سماع من يذكره؛أو "التغني به في ليلة مولده أو ذكرى الهجرة أو ليلة الإسراء"(1)... دون أن تكون بين المسلمين وبينه تلك الرابطة القوية التي أرادها الله سبحانه لهم من خلال حبه صلى الله عليه وسلم،والتأسي به في أخلاقه وأفعاله.
وإذا كان المسلمون في عصرنا الحالي - خاصة الشباب منهم- يدَّعون أنهم يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم،فإن أفعال بعضهم تؤكد عكس ذلك؛ ربما لأنهم لا يعرفون كيف يحبونه!!
وفي خضم الحياة المعاصرة نجد الأمور قد اختلطت، والشرور قد سادت،وأصبح النشء والشباب يرددون :"نحن لا نجد القدوة الصالحة" ...وبدلاً من أن يبحثوا عنها نراهم قد اتخذوا المشاهير من المفكرين أ و الممثلين السينمائيين، أواللاعبين ،أو المطربين قدوة ومثلاً ... وما نراهم إلا استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير!!!
من هنا كانت الحاجة ملحة لأن نعيد إلى أذهاننا وأذهان أبناءنا من الأطفال والشباب الصورة الصحيحة للقدوة الصالحة ،والشخصية التي تستحق أن تُتبع وأن يُحتذى بها.
وفي السطور القليلة القادمة نرى محاولة لإعادة الصورة الواضحة للقدوة المثالية التي تستحق أن تتبع،وتأصيل ذلك منذ الطفولة حتى نبني أجيالاً من الشباب الصالحين الذين يمكن أن يكونوا هم أنفسهم قدوة لغيرهم.
ولا تخفي كاتبة هذه السطور أنها تمنت- أثناء قراءتها لإعداد هذا المقال- أن يوفقها المولى سبحانه لتتصف ببعض صفاته صلى الله عليه وسلم ... وهي الآن تتمنى ذلك أيضاً لكل من يقرؤه ، وعلى الله قصد السبيل،ومنه وحده التوفيق...والحمد لله رب العالمين.

د.أماني زكريا الرمادي


1- ما هو حب الرسول صلى الله عليه وسلم؟
"إن المقصود بحبه ليس فقط العاطفة المجردة، وإنما موافقة أفعالنا لما يحبه صلى الله عليه وسلم ،وكُره ما يكرهه، وعمل ما يجعله يفرح بنا يوم القيامة...ثم التحرق شوقاً للقياه، مع احتساب أننا لا نحبه إلا لله ، ‍وفي الله ،وبالله" (2)
وخلاصة حبنا له أن يكون- صلى الله عليه وسلم- أحب إلينا من أنفسنا وأموالنا وأولادنا ؛ فقد روى البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده" ، فلما قال له عمر: "لأنت يا رسول الله أحب إليَّ من كل شيء إلا نفسي،قال له صلى الله عليه وسلم:"لا، والذي نفسي بيده،حتى أكون أحب إليك من نفسك"، فلما قال له عمر:"فإنك الآن أحب إلي من نفسي يا رسول الله" ،قال له:" الآن يا عمر" !!

2- لماذا يجب أن نحب الرسول صلى الله عليه وسلم؟؟؟
أ-
لأن حبه صلى الله عليه وسلم من أساسيات إسلامنا، بل أن الإيمان بالله تعالى لا يكتمل إلا بهذا الحب!!! وقد اقترن حبه صلى الله عليه وسلم بحب الله تعالى في الكثير من الآيات القرآنية،منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى:" قُل إن كان آباؤكم، وأبناؤكم وإخوانُكم وأزواجُكم ،وعشيرتُكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشَون كسادَها ومساكنُ ترضونها أحبَّ إليكم من اللهِ ورسولهِ،وجهادٍ في سبيلِه، فَتربَّصوا حتى يأتي اللهُ بأمرِه،واللهُ لا يهدي القومَ الفاسقين" ، و" قُل إن كنتم تحبون اللهَ فاتَّبعوني يحبِبِكُم اللهُ "
ب- لأنه حبيب الله الذي أقسم بحياته قائلاً:" لَعَمرُك إنَّهُم لَفي سَكْرَتِهِم يَعمَهون"
والذي اقترن اسمه صلى الله عليه وسلم باسمه تعالى:
* مرات عديدة في القرآن الكريم ،
* و في الشهادة التي لا ندخل في الإسلام إلا بها
* وفي الأذان الذي يُرفع خمس مرات في كل يوم وليلة

كما نرى الله تعالى قد فرض علينا تحيته صلى الله عليه وسلم بعد تحيته سبحانه في التشهد في كل صلاة........ فأي شرف بعد هذا الشرف؟!!!
ج- لأنه حبيب الرحمن الذي قرَّبه إليه دون كل المخلوقات ليلة المعراج ، وفضَّله حتى على جبريل عليه السلام،"كما خصه - صلى الله عليه وسلم- بخصائص لم تكن لأحد سواه،منها: الوسيلة، والكوثر، والحوض،والمقام المحمود"(3)...ومن الطبيعي أن يحب المرء حبيب حبيبه،فإذا كنا نحب الله عز وجل،فما أحرانا بأن نحب حبيبه!!!
د-لأن حبه- صلى الله عليه وسلم- ييسر احترامه، واتباع سنته ،وطاعة أوامره ، واجتناب نواهيه... فتكون النتيجة هي الفوز في الدنيا والآخرة.
هـ-لأن( الله تبارك وتعالى قد اختاره من بين الناس لتأدية هذه الرسالة العظيمة،فيجب أن نعلم أنه اختار خير الأخيار،لأنه سبحانه أعلم بمن يعطيه أمانة الرسالة ،ومادام اصطفاه من بين كل الناس لهذه المهمة العظيمة،فمن واجبنا نحن أن نصطفيه بالمحبة من بين الناس جميعاً)(4)
هـ- لأنه صلى الله عليه وسلم النبي الوحيد الذي ادَّخر دعوته المستجابة ليوم القيامة كي يشفع بها لأمته،كما جاء في صحيح مسلم:"لكل نبى دعوة مجابة، وكل نبى قد تعجــل دعــوته، وإنــى اختبأت دعوتى شفــاعة لأمتي يــوم القيامة" ، وهو الذي طالما دعا ربه قائلاً:"يارب أمتي ، يارب أمتي" ، وهو الذي سيقف عند الصراط يوم القيامة يدعو لأمته وهم يجتازونه،قائلاًً:" يارب سلِّم ، يارب سلِّم"
و- لأنه بكى شوقا إلينا حين كان يجلس مع أصحابه ، فسألوه عن سبب بكاءه، فقال لهم :"إشتقت إلى إخواني"، قالوا :"ألسنا بإخوانك يا رسول الله؟!" قال لهم:"لا"،إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني"!!
ز- لأن المرء مع مَن أحب يوم القيامة"كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم،فإذا أحببناه حقاً صرنا جيرانه- إن شاء الله- في الفردوس الأعلى مهما قصرت أعمالنا،فقد روى أنس بن مالك أن أعرابياً جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال:"يا رسول الله ،متى الساعة"،قال له:" وما أعددت لها؟"، قال :"حب الله ورسوله"،قال: " فإنك مع مَن أحببت"!!
و-لأن الخالق- وهو أعلم بخلقه- وصفه بأنه " لعلى خلُق عظيم" ،وبأنه:" عزيز عليه ماعَنِتُّم،حريص عليكم ، بالمؤمنين رءوف رحيم" ؛ كما قال هو عن نفسه : " لقد أدَّبني ربي فأحسن تأديبي" ،ولقد ضرب - صلى الله عليه وسلم أروع الأمثال بخُلُقه هذا ،فأحبه،ووثق به كل من عاشره من المؤمنين والكفار على السواء، فنشأ وهو معروف بينهم باسم"الصادق الأمين" ...أفلا نحبه نحن؟!!!
ح- لأن الله تعالى شبَّهَه بالنور -الذي يخرجنا من ظلمات الكفر والضلال، ويرشدنا إلى ما يصلحنا في ديننا ودنيانا- في قوله سبحانه:"قد جاءكم من الله نورٌ وكتابٌ مبين"(5) فالإسلام لم يأت إلينا على طبق من ذهب،وإنما وصل إلينا بفضل الله تعالى ،ثم جهاد النبي صلى الله عليه وسلم وصبره وملاقاته الصعاب"(6) ...فما من باب إلا وطرقه الكفار ليثنوه عن عزمه،ويمنعوه من تبليغ الرسالة؛ فقد حاولوا فتنته، بإعطاءه المال حتى يكون أكثرهم مالاً،وبجعله ملكا وسيدا ً عليهم، وبتزويجه أجمل نساء العرب،فكان رده عليهم-حين وسَّطوا عمه أبي طالب-"والله يا عم ، لو وضعوا القمر في يميني،والشمس في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته ،حتى يُظهره الله ،أو أهلك دونه"
ثم هم هؤلاء يحاولون بأسلوب آخر وهو التعذيب الجسدي والمعنوي،(ففي الطائف أمروا صبيانهم ،وعبيدهم برميه بالحجارة،فرموه حتى سال الدم من قدميه،وفي غزوة أُحُد شُقت شفته،وكُسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم،وفي مكة وضعوا على ظهره روث جزور،وقاطعوه وأصحابه حتى كادوا يهلكون جوعاً،وفي غزوة الخندق جاع حتى ربط الحجر على بطنه صلى الله عليه وسلم…ولكنه لم يتوقف عن دعوته، بل واصل معتصماً بربه،متوكلاً عليه) (7)
ز- لأن حبه يجعله يُسَرُّ بنا عندما نراه يوم القيامة عند الحوض فيسقينا من يده الشريفة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً.
ح- لأنه هو اللبنة التي اكتمل بها بناء الأنبياء الذي أقامه الله جل وعلا، كما أخبر بذلك أبو هريرة وجاء في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال : ((إن َمثَلى ومَثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وُضِعَتْ هذه اللبنة ؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين))

3- لماذا هو خير قدوة ؟
أ-
لأن الله تعالى- وهو أعلم بنا وبه- قال في كتابه العزيز:"لقد كان لكُم في رسولِ اللهِ أسوةٌ حسنةٌ لمَن كان يرجو اللهَ واليومَ الآخر"( فلا يعرف قدر رسول اللـه إلا اللـه. وإن قدره عند اللـه لعظيم! وإن كرامته صلى الله عليه وسلم عند اللـه لكبيرة! فقد علِم الله سبحانه أن منهج الإسلام يحتاج إلى بشر يحمله ويترجمه بسلوكه وتصرفاته،فيحوِّله إلى واقع عملي محسوس وملموس، ولذلك بعثه صلى الله عليه وسلم- بعد أن وضع في شخصيته الصورة الكاملة للمنهج- ليترجم هذا المنهج ويكون خير قدوة للبشرية جمعاء)(8)
(فهو المصطفى وهو المجتبى... فلقد اصطفى اللـه من البشرية الأنبياء واصطفى من الأنبياء الرسل واصطفى من الرسل أولى العزم واصطفى من أولى العزم محمد صلى الله عليه وسلم، ثم اصطفاه ففضله على جميع خلقه… شرح له صدره ،ورفع له ذكره ،ووضع عنه وزره، وزكَّاه في كل شىء :
زكاه في عقله فقال سبحانه: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [ النجم: 2].
زكاه في صدقه فقال سبحانه: وَمَا يَنطِقُ عَن الهوىَ [ النجم: 3].
زكاه في صدره فقال سبحانه: أَلم نَشْرح لَكَ صَدْرَكَ [ الشرح: 1].
زكاه في فؤاده فقال سبحانه: مَاكَذَبَ الفُؤادُ مَارَأىَ [ النجم: 11].
زكاه في ذكره فقال سبحانه: وَرَفعنَا لَكَ ذكْرَكَ [ الشرح: 4].
زكاه في طهره فقال سبحانه: وَوَضعنَا عَنكَ وزْرَكَ [ الشرح :2 ].
زكاه في علمه فقال سبحانه: عَلَّمَهُ شَديدٌ القُوىَ [ النجم: 5 ].
زكاه فى حلمه فقال سبحانه: بِالمؤمِنينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [ التوبة :128].
زكاه كله فقال سبحانه: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلقٍ عَظِيمٍ [ القلم: 4 ].
فهو- صلى الله عليه وسلم- رجل الساعة، نبى الملحمة، صاحب المقام المحمود- الذي وعده اللـه به دون جميع الأنبياء- في قوله : {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } [الإسراء-79].
فهذا هو المقام المحمود كما فى حديث مسلم من حديث أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأنا أول من ينشق عنه القبر وأنا أول شافع وأول مشفع " )(9)
ب-لأنه إمام الأنبياء الذي صلى بهم في المسجد الأقصى ليلة الإسراء والمعراج ، أفنستنكف نحن عن أن نتخذه إماما وقدوة؟!!!
ج-لأنه فُضِّل على الأنبياء - كما جاء في الصحيحين - من حديث أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "فُضِّلتُ على الأنبياء بسـت: أُعطيـت جوامـع الكلـم (فهو البليغ الفصيح) ونُصرت بالرعـب - وفى لفظ البخارى ((مسيرة شهر)) - وأُحلت لي الغنائم، وجُعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأُرسلت إلى الخلق كافة، وخُتم بى النبيون)"
د- لأن الله عصمه، وأرشد خطاه ، وسدد رميته، وجعله "لا ينطق عن الهوى"
هـ- لأنه صلى الله عليه وسلم بشر مثلنا، يفرح ويحزن ،يجوع ويعطش،يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، يصوم ويفطر،يمرض،ويتألم، ويصح جسده؛ يتزوج وينجب،ويفقد أولاده، ويفقد زوجاته، ويقيم ويسافر...فهو ( النبي الوحيد الذي نستطيع أن نقتدي به في كل نواحي حياته لأن حياته كانت كالكتاب المفتوح)(10)
(فقد جسَّد حياتنا كلها بالمثل الأعلى...فهو مثلنا الأعلى في المعاملات الاجتماعية،مع الزوجة والأولاد و الأرحام،ثم المجتمع الإسلامي،وهو مَثلنا الأعلى في الأخلاق الفاضلة،وَمثلنا الأعلى في الدعوة إلى الله تعالى والصبر عليها،فهو النور الذي نهتدي به في طريقنا )(11)
و-(لأنه صلى الله عليه وسلم كان قدوة صالحة في حسن رعايته لأصحابه، وتَفَقُّده لهم ،وسؤاله عنهم، ومراقبة أحوالهم، ومحاذرة مقصريهم، وتشجيع محسنهم، والعطف على فقرائهم ومساكينهم، وتأديب الصغار منهم، وتعليم الجهلة فيهم)(12) بألطف وأرق الوسائل وأحكمها.

4- لماذا يجب أن نحببه إلى أطفالنا ؟
أ-
لأن مرحلة الطفولة المبكرة هي أهم المراحل في بناء شخصية الإنسان، فإذا أردنا تربية نشء مسلم يحب الله ورسوله، فلنبدأ معه منذ البداية، حين يكون حريصا على إرضاء والديه، مطيعاً ، سهل الانقياد.
ب-لأن الطفل (إذا استأنس بهذا الحب منذ الصغر ، سهل عليه قبوله عند الكبر، فنشأة الصغير على شيء تجعله متطبِّعاً به،والعكس صحيح...فمَن أُغفل في الصغر كان تأديبه في الكبر عسيراً)(13)
ج- لأن أطفالنا إن لم يحبوه - صلى الله عليه وسلم - فلن يقتدوا به مهما بذلنا معهم من جهد
د-لأن حبهم له سوف يعود عليهم بالخير والبركة والتوفيق في شتى أمور حياتهم،وهو ما يرجوه كل أب وأم.
هـ - "لأن الله تعالى قال في كتابه العزيز"قُل إن كنتم تحبون اللهَ فاتَّبعوني يُحبِبكُم اللهُ ويغفر لكم ذنوبَكم"،فمحبته صلى الله عليه وسلم تجلب حب الله في الدنيا ومغفرته في الآخرة،فأي كرامة تلك؟!"(14) وهل يتمنى الوالد لولده أفضل من ذلك؟!!!
و- لأن الجنة هي مستقر من أحبه ؛ومن ثم أطاعه ، فقد روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كلكم يدخل الجنة إلا مَن أبى،قالوا:"ومَن يأبى يا رسول الله؟"،قال مَن أطاعني دخل الجنة،ومَن عصاني فقد أبى "؛ فهل يتمنى الوالد لولده بعد حب الله والمغفرة إلا الجنة؟!!!
ز- لأن أطفالنا هم الرعية التي استرعانا الله إياها ؛ومن ثم فإن ( الله سبحانه سوف يسأ ل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده - كما يؤكد الإمام بن القيم- فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه ،وتركه سدى، فقد أساء غاية الإساءة،وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم بسبب إهما ل الآباء لهم وتركهم دون أن يعلموهم فرائض الدين وسننه،فأضاعوهم صغاراً،فلم ينتفعوا بهم كباراً"(15)

5- كيف نعلم أبناءنا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
أولاً: بالقدوة الصالحة
إن أول خطوة لتعليمهم ذلك الحب هو أن يحبه الوالدان أولاً، فالطفل كجهاز الرادار الذي يلتقط كل ما يدور حوله،فإن صدق الوالدان في حبهما لرسول الله ،أحبه الطفل بالتبعية، ودون أي جهد أو مشقة من الوالدين،لأنه سيرى ذلك الحب في عيونهم ،ونبرة صوتهم حين يتحدثون عنه،وفي صلاتهم عليه دائما - حين يرد ذكره،ودون أن يرد- وفي شوقهما لزيارته،وفي مراعاتهم لحرمة وجودهم بالمدينة المنورة حين يزورونها،وفي أتباعهم لسنته،قائلين دائما: نحن نحب ذلك لأن رسول الله كان يحبه،ونحن نفعل ذلك لأن رسول الله كان يفعله،ونحن لا نفعل ذلك لأن الرسول نهى عنه أو تركه،ونحن نفعل الطاعات إرضاءً لله سبحانه ،ثم طمعاً في مرافقة ا لرسول في الجنة...وهكذا يشرب الطفل حب النبي صلى الله عليه وسلم دون أن نبذل جهداً مباشراً لتعليمه ذلك الحب!
فالقدوة هي أيسر وأقصر السبل للتأثير على الطفل، ويؤكد ذلك الشيخ محمد قطب بقوله:"إن من السهل تأليف كتاب في التربية،ومن السهل أيضاً تخيل منهج معين ،ولكن هذا الكتاب وذلك المنهج يظل ما بهما حبراً على ورق،ما لم يتحول إلى حقيقة واقعة تتحرك ،وما لم يتحول إلى بشر يترجم بسلوكه، وتصرفاته،ومشاعره، وأفكاره مبادىء ذلك المنهج ومعانيه،وعندئذٍ فقط يتحول إلى حقيقة"(16)...إذ من غير المعقول أن نطالب أبناءنا بأشياء لا نستطيع نحن أن نفعلها،ومن غير الطبيعي أن نأمرهم بشيء ونفعل عكسه...وقد استنكر البارىء الأعظم ذلك في قوله تعالى:"أتأمرون الناسَ بالبِر وتنسون أنفسَكم وأنتم تتلون الكتابَ ،أفلا تعقلون؟!"(البقرة-44)،وفي قوله جل شأنه:"يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون؟! كَبُر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"
(فإذا اقتدوا بنا تحولوا - بفضل الله - من عبء علينا إلى عون لنا )(17)

ثانياً: بالتعامل مع كل مرحلة عمرية بما يناسبها:
أ- مرحلة ما بعد الميلاد حتى الثانية من العمر:
تلعب القدوة في هذه المرحلة أفضل أدوارها،حين يسمع الطفل والديه يصليان على النبي عند ذكره،أو سماع من يذكره ، وحين يجلسان معا يومي ا لخميس والجمعة- مثلاً- يصليان عليه ،فيتعود ذلك، ويألفه منذ نعومة أظفاره...مما يمهد لحبه له صلى الله عليه وسلم حين يكبر.
كما يمكن أن نردد أمامه مثل هذه الأناشيد حتى يحفظها :
محمد نبينا
أمُّهُ آمِنة
أبوه عبد الله
مات ما رآه
***
"هذا بن عبد الله
أخلاقه القرآن
والرحمة المهداة
عمت على الأكوان"( 18)

ب- مرحلة ما بين الثالثة والسادسة:
يكون الطفل في هذه المرحلة شغوفاً بالاستماع للقصص،لذا فمن المفيد أن نعرِّفه ببساطة وتشويق برسول الله صلى الله عليه وسلم،فهو الشخص الذي أرسله الله تعالى ليهدينا ويعرفنا الفرق بين الخير والشر،فمن اختار الخير فله الجنة ومن اختار الشر فله النار والعياذ بالله،ونحكي له عن عبد الله،وآمنة والدي الرسول الكريم،و قصة ولادته صلى الله عليه وسلم ،وقصة حليمة معه،ونشأته يتيماً( حين كان أترابه يلوذون بآبائهم ويمرحون بين أيديهم كطيور الحديقة بينما كان هو يقلِّب وجهه في السماء ...لم يقل قط" يا أبي" لأنه لم يكن له أب يدعوه ،ولكنه قال كثيراً ،ودائماً:" يا ربي"!!! "( 19)
ومن المهم أن نناقش الطفل ونطلب رأيه فيما يسمعه من أحداث مع توضيح ما غمض عليه منها.
ويستحب أن نحفِّظه الآيتين الأخيرتين من سورتي "التوبة"،و"الفتح"التي تتحدث عن فضائله صلى الله عليه وسلم؛ مع شرح معانيها على قدر فهمه.
كما يمكن تحفيظه كل أسبوع أحد الأحاديث الشريفة القصيرة،مع توضيح معناها ببساطة،من هذه الأحاديث مثلاً :
" من قال لا إله إلا الله دخل الجنة"
"إن الله جميل يحب الجمال"
"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً ان يتقنه"
"خيركم من تعلَّم القرآن وعلمه"
"إماطة الأذى عن الطريق صدقة"
"لا يدخل الجنة نمَّام"
"من لم يشكر الناس، لم يشكر الله "
"ليس مِنَّا مَن لم يرحم صغيرنا ويوقِّر كبيرنا"
" ا لمسلم من سَلِم المسلمون من لسانه ويده"
"الكلمة الطيبة صدقة"
"لا تغضب، ولك الجنة"
"تَبسَُّمك في وجه أخيك صدقة"
"الراحمون يرحمهم الرحمن""
"من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"
"خير الناس أنفعهم للناس"
"الدين ا لنصيحة"
"الجنة تحت أقدام الأمهات"
"تهادوا تحابُّوا"
"التائب من الذنب كمن لا ذنب له"
"جُعلت قرة عيني في الصلاة"
"الحياء من الإيمان"
" آية المنافق ثلاث :إذا حدَّث كذب وإذا وعد اخلف ،وإذا اؤتمن خان"

ج- مرحلة ما بين السابعة والعاشرة:
في هذه المرحلة يمكننا أن نحكي لهم مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأطفال،وحبه لهم ، ورحمته بهم،واحترامه لهم،وملاطفته ومداعبته لهم...وهي مواقف كثيرة فيما يلي نذكر بعضها،مع ملاحظة أن البنت سوف تفضل حكاياته مع البنات،والعكس؛ولكن في جميع الأحوال يجب أن يعرفونها كلها؛ فالقصص تحدث آثاراً عميقة في نفوس الأطفال وتجعلهم مستعدين لتقليد أبطالها.
أ- موقفه مع حفيديه الحسن والحسين،حيث كان صلى الله عليه وسلم يحبهما ويلاعبهما ويحنو عليهما،وفيما يلي بعض المواقف لهما مع خير جد)( 20)
*"عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال:"خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسناً أو حسيناً،فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم،فوضعه ثم كبَّر للصلاة فصلى،فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها، قال أبي فرفعت رأسي وإذا الصبي على ظهر الرسول الكريم،وهو ساجد،فرجعت إلى سجودي؛ فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة،قال الناس:" يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يُوحى إليك،فقال :"كل ذلك لم يكن،ولكن ابني ارتحلني ،فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته"!!!
* عن عبد الله بن بريدة،عن أبيه،قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران،فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما،ووضعهما بين يديه،ثم قال:"صدق الله<إنما أموالُكم وأولادُكم فتنة>،فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران ،فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما"

*** روى البخاري أن أبا هريرة رضي الله عنه قال:" قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده "الأقرع بن حابس التميمي "جالس، فقال الأقرع:"إن لي عشرة من الولد، ماقبَّلت منهم أحداً"،فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ثم قال:"مَن لا يَرحم لا يُرحم"، وروت عائشة رضي الله عنها أن أعرابي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال:"أتقبِّلون صبيانكم؟! فما نقبِّلهم"،فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أو أملِك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟"

**** وكان صلى الله عليه وسلم يتواضع للأولاد عامة، ولأولاده خاصة،فكان يحمل الحسن رضي الله عنه على كتفه الشريفة، ويضاحكه ويقبله، ويريه أنه يريد أن يمسك به وهو يلعب ،فيفر الحسن هنا وهناك ،ثم يمسكه النبي صلى الله عليه وسلم . وكان يضع في فمه الشريف قليلاً من الماء البارد ،ويمجه في وجه الحسن ،فيضحك، وكان صلى الله عليه وسلم يُخرج لسانه للحسين،فإذا رآه أخذ يضحك .

***** ومن تمام حبه لهما وحرصه على مصلحتهما أنه كان يؤدبهما بلطف مع بيان السبب ،فقد روي أبو هريرة قائلا:"أخذ الحسن بن علي رضي الله تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في فيه،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كخ ،كخ،إرم بها،أما علمت أنَّا لا نأكل الصدقة ؟"
ب- و موقفه مع أخٍ أصغر لأنس بن مالك،وكان يُدعى "أباعمير"، حين علم أنه اشترى عصفوراً،وكان شديد الفرح به ،فكان-صلى الله عليه وسلم- يداعبه كلما رآه قائلاً:"يا أبا عمير مافعل النغير؟" - والنغير صيغة لتصغير "النُغََّّر"،وهو العصفور الصغير- وذات مرة كان صلى الله عليه وسلم يمشي في السوق فرآه يبكي، فسأله عن السبب ،فقال له:"مات النغير يا رسول الله"،فظل صلى الله عليه وسلم يداعبه، ويحادثه ،ويلاعبه حتى ضحك،فمر الصحابة بهما فسألا الرسول صلى الله عليه وسلم عما أجلسه معه، فقال لهم:"مات النغير،فجلست أواسي أبا عمير"!!!
ج- رحمته صلى الله عليه وسلم ( لبكاء الصبي في الصلاة، حتى أنه كان يخففها،فعن أنس رضي الله عنه قال:" ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة، ولا أتم من النبي صلى الله عليه وسلم،وإن كان ليسمع بكاء الصبي ،فيخفف عنه مخافة أن تُفتن أمه"،ويؤكد الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك بنفسه،فيقول:"إني لأدخل الصلاة وأنا أريد أن أطيلها،فأسمع بكاء الصبي فأتجاوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكاءه")(21)
هــ -" إصطحابه صلى الله عليه وسلم الأطفال للصلاة و مسحه خدودهم ، رحمة وإعجاباً وتشجيعاً لهم،فعن جابر بن أبي سمرة رضي الله عنه قال:"صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى- أي الظهر- ثم خرج إلى أهله وخرجت معه فاستقبله ولدان فجعل يمسح خدَّي أحدهم واحداً واحداً،قال: "وأما أنا فمسح خدي فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها صلى الله عليه وسلم من جونة عطار"!!(22)
ز- إعطاؤه صلى الله عليه وسلم الهدايا للأطفال،" فقد روى مسلم عن أبي هريرة قال:" كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه قال:" اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مُدِّنا"، ثم يدعو أصغر وليد يراه فيعطيه ذلك الثمر!!!
و- صلاته صلى الله عليه وسلم وهو يحملهم، فقد ثبت في الصحيحين عن "قتادة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أُمامة بنت زينب بنت رسول الله ،وهي لأبي العاص بن الربيع،فإذا قام حملها،وإذا سجد وضعها،فلما سلَّم حملها .
ز- إحترامه-صلى الله عليه وسلم- للأطفال ، ودعوته لعدم الكذب عليهم، فقد كان( الصغار يحضرون مجالس العلم والذكر معه،حتى كان أحد الغلمان ذات يوم يجلس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم،وعلى يساره الأشياخ،فلما أتى النبي بشراب شرب منه ،ثم قال للغلام:"أتأذن لي ان أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام:" لا يا رسول الله ، لا أوثر بنصيبي منك أحداً،فأعطاه له النبي صلى الله عليه وسلم)!! (23)
وعن عبد الله بن عامر رضي الله عنه ،قال:"دعتني أمي ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا فقالت ها تعال أعطك"،فقال لها صلى الله عليه وسلم:" ما أردت أن تعطيه؟" قالت "أعطيه تمرا" ، فقال لها أما أنك لو لم تعطِه شيئا كُتبت عليك كذبة"
ح- وصيته صلى الله عليه وسلم بالبنات-حيث كان العرب يئدونهن في الجاهلية- قائلاً:" من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن، وضرائهن،وسرائهن دخل الجنة" فقال رجل :"و ثنتان يا رسول الله؟" قال:" و ثنتان"،فقال آخر:" وواحدة؟" قال: "وواحدة")(24)
ز- حرصه صلى الله عليه وسلم على إرشادهم إلى الصواب وتصحيح مفاهيمهم وأخطائهم بالحكمة،وبصورة عملية لاستئصال الخطأ من جذوره ؛ ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
أن أحد أصحابه- صلى الله عليه وسلم- وكان مولى من أهل فارس قال : "شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة أُحد فضربت رجلاً من المشركين فقلت:"خذها مني وأنا الغلام الفارسي،فالتفت إليَّ النبي وقال:"هلا قلت خذها مني وأنا الغلام الأنصاري؟"
وهذا عبد الله بن عمر حين لم يكن يقوم الليل،فقال أمامه الرسول صلى الله عليه وسلم:"نِعم الرجل عبد الله، لوكان يصلي من الليل! فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا"
ح- تعليمه صلى الله عليه وسلم لهم حفظ الأسرار،"فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال:"أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه ،فأسر إلىَّّ حديثا لا أحدث به أحداً من الناس" (25)
ط- رفقه بخادمه "أنس بن مالك" رضي الله عنه،حيث كان يناديه ب"يا بُني" أو" يا أُنيس"-وهي صيغة تصغير للتدليل- يقول أنس:" خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين،والله ما قال لي أف، ولا لِم صنعت ؟ ولا ألا صنعت؟"(26)
ك- (عقده صلى الله عليه وسلم المسابقات بين الأطفال لينشِّط عقولهم ،وينمِّي مواهبهم ويرفع همَّتهم، ويعزِّز طاقاتهم المخبوءة، فقد تصارع "سمرة"، و"رافع" رضي الله عنهما أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أرادا الاشتراك في جهاد الأعداء فردهما رسول الله لصغر سنهما،فزكى الصحابة "سمرة" لأنه يحسن الرمي، فأجازه صلى الله عليه وسلم، فقال "رافع" أنه يصارعه- أي أنه أقوى منه- رغم أنه لا يحسن الرمي،فطلب الرسول الكريم منه أن يصارعه، فدخلا معًا مباراة للمصارعة فصرعه رافع، فأجازهما رسول الله صلى الله عليه وسلم!!
ل- رحمته- صلى الله عليه وسلم- بالحيوان،ومن الأمثلة على ذلك:
* قصته مع الغزالة، فقد روي عن أنس بن مالك انه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم قد اصطادوا ظبية فشدوها على عمود فسطاط فقالت: يا رسول الله إني أُخذت ولي خشفان(رضيعان) فاستأذن لي أرضعهما وأعود إليهم فقال: "أين صاحب هذه؟" فقال القوم: نحن يا رسول الله"، قال: "خلُّوا عنها حتى تأتى خشفيها ترضعهما وترجع إليكم"، فقالوا من لنا بذلك؟ قال "أنا" فأطلقوها فذهبت فأرضعت ثم رجعت إليهم فأوثقوها فمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتراها منهم وأطلقها.
** وقصته مع (الجمل الذي رآه صلى الله عليه وسلم حين دخل بستاناً لرجل من الأنصار،فإذا فيه جمل فما إن رأى النبي صلى الله عليه وسلم حتى حنَّ وذرفت عيناه فأتاه الرسول الكريم فمسح ذفراه فسكت،،فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:"من رب هذا الجمل؟"
فقال فتى من الأنصار:" أنا يا رسول الله ، فقال له:" ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي أملكك الله إياها؟! فإنه شكا إلي انك تجيعه وتدئبه"(27)
*** وهذا جمل آخر( كانت تركبه السيدة عائشة رضي الله عنها لتروِّضه،فجعلت تذهب به وتجيء ، فأتعبته، فقال لها صلى الله عليه وسلم:" عليك بالرفق يا عائشة")(28)

... وهكذا إلى آخر الحكايات المروية عنه صلى الله عليه وسلم المتاحة بكتب السيرة المعروفة،مما يناسب هذه المرحلة العمرية.

وإذا استطعنا أن نصحب طفلنا معنا لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بعد التمهيد له عن آداب المسجد - وخاصة المسجد النبوي والمسجد الحرام- وبعد أن نوضح له أ ن الله تعالى يرد عليه روحه حين نصلي عليه، ليرد علينا السلام؛ونوضح له أننا حين ندعو ونحن بجوار القبر الشريف يجب أن نكون متوجهين للقبلة ،فالمسلم لا يدعو إلا الله،ولا يرجو سواه.
كما نعرِّفه فضل الروضة الشريفة، ثم نحرص على أن نصحبه ليقضي بها ماشاء الله له.... فنحن نتكلف الكثير من أجل تعليم أولادنا- لضمان مستقبلهم الدنيوي- والترفيه عنهم،وكسوتهم... إلخ وفي رأي كاتبة هذه السطور أن هذه الزيارة لا تقل أهمية عن كل ذلك ؛ فهي تعلِّمه وترفع من معنوياته، وتزيده قربا من الله و رسوله ،ومن ثمَّ تؤمن له مستقبله في الآخرة عن شاء الله!
وقد ثبت بالتجربة أن هذه الزيارة إذا كانت في المراحل الأولى من عمر الطفل ، فإنها تكون أشد تأثيراً وثباتاً في نفس الطفل، بل وأكثر معونة له على الشيطان،وعلى الالتزام بتعاليم الدين في بقية عمره؛هذا إن أحسن الوالدان التصرف معه أثناء هذه الرحلة المباركة، وساعداه على أن يعود منها بذكريات سعيدة بالنسبة له كطفل.
وإذا أوضحنا له أن هذه الزيارة مكافأة له على نجاحه مثلاً، أو لحسن خُلُقه، أو غير ذلك كان التأثير أبلغ،وكان ذلك أعون له على مواصلة ما كافأناه من أجله.

ومما يعين أيضاً على حبه صلى الله عليه وسلم أن نكافئ الطفل على صلاته على النبي عشر مرات- مثلا - قبل النوم، وبعد الصلاة ،وعندما يشعر بضيق أو حزن...حتى يتعود ذلك.

ثالثاً: مرحلة ما بين الحادية عشرة والثالثة عشرة:
يمكن في هذه المرحلة أن نحكي له - بطريقة غير مباشر ة - عن أخلاق وطباع الرسول صلى الله عليه وسلم؛ أي أثناء اجتماع الأسرة للطعام أو اجتماعها للتنزه في نهاية الأسبوع ، أو نقوم بتشغيل شريط يحكي عنه في السيارة أثناء الذهاب للنزهة ،مثل شريط"حب النبي صلى الله عليه وسلم للأستاذ "عمرو خالد" مثلاً-أو نهديهم كتباً تتحدث عنه صلى الله عليه وسلم بأسلوب قصصي شيق،مثل: "إنسانيات محمد" لخالد محمد خالد،و"أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" لنجوى حسين عبد العزيز،و" معجزات النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال " لمحمد حمزة السعداوي".

ومما يمكن أن نحكي لهم في هذه المرحلة:
أ- أدب السلوك المحمدي:
كان صلى الله عليه وسلم يجيد آداب الصحبة والسلوك،( فكان إذا مشى مع صحابه يسوقهم أمامه فلا يتقدمهم،ويبدأ من لَقيه بالسلام،وكان إذا تكلم يتكلم بجوامع الكلم،كلامه فصل ، لا فضول ولا تقصير،أي على قدر الحاجة،وكان يقول:"من حُسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه"،وكان يقول:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليَقُل خيراً أو ليصمت"،وكان طويل السكوت ، دائم الفِكر،دمث الخُلُق،ليس بالجافي ولا المُهين،يعظِّم النعمة وإن قلَّت، لا تُغضبه الدنيا وما كان لها،فإذا تعرض للحق لم يعرفه أحد،وكان لا ينتصر لنفسه أبداً، و إذا غضب أعرض وأشاح ،وإذا فرح غض طرفه،كل ضحكه التبسم،وكان يشارك أصحابه في مباح أحاديثهم إذا ذكروا الدنيا ذكرها معهم،وإذا ذكروا طعاماً أو شراباً ذكره معهم،كان لا يعيب طعاما يقدم إليه أبداً،وإنما إذا أعجبه أكل منه وإن لم يعجبه تركه...وهو القائل:"أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً،و"إن مِن أحبكم إلىَّ وأقربهم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً "،وسُئل –صلى الله عليه وسلم عن البِر فقال"حسن الخلق"،وسُئل أي الأعمال أفضل،فقال:" حسن الخلق")(29)
(وكان صلى الله عليه وسلم يحرص أشد الحرص على أن يسود الود والألفة بين المسلمين،فكان يوصيهم- فيما يوصيهم- بقوله: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث ،فإن ذلك يُحزنه"
وقوله:"لا يقيمن أحدكم رجلاً من مجلسه ثم يجلس فيه... ولكن توسعوا،وتفسحوا يفسح الله لكم"
وقوله:" لا يحل لرجل أن يجلس بين اثنين إلا بإذنهما"
وقوله :" يُسلِّم الراكب على الماشي والماشي على القاعد،والقليل على الكثير،والصغير على الكبير"
ويحدثنا "كلوة بن الحنبل"فيقول:" بعثني صفوان بن أمية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهَدِيَّة فدخلت عليه، ولم استأذن ولم أسلم ، فقال لي الرسول:"إرجع فقل:" السلام عليكم ،أأدخل؟")(30)
ثم يتجلى سمو خُلُقه وحسن أدبه في حفاظه الشديد على كرامة الكائن البشري -الذي كرَّمه المولى سبحانه- ومراعاته الذكية لمشاعر الناس وأحاسيسهم،ومما يدل على ذلك :أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يواجه أحداً بأخطاءه وإنما كان يقول:
" ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا .." تاركاً الفاعل الحقيقي يحس بذنبه ويعرف خطأه دون أن يعرف الآخرون عنه شيئا.

ويحكي ( معاوية بن الحكم قائلاً : "بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت: (يرحمك الله) فرماني القوم بأبصارهم.
فقلت: واثكل أمياه،ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون أفخاذهم.
فلما رأيت أنهم يصمتونني سكت".
فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه... فو الله ما قهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس... إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن..!" ) رواه مسلم(31)

وعلى الرغم من كل ذلك ؛ فقد كان دائماً يدعو ربه قائلاً:" اللهم كما حسَّنتَ خَلقي فحسِّن خُلُقي"!!!

ب- الكرم المحمدي:
(كان الكرم المحمدي مضرب الأمثال،فقد كان صلى الله عليه وسلم لا يرد سائلاً وهو يجد ما يعطيه،فقد سأله رجل حُلة كان يلبسها،فدخل بيته فخلعها ،ثم خرج بها في يده وأعطاها إياه،وسأله رجل فأعطاه غنماً بين جبلين،فلم يكن الرجل مصدقاً ،فأسرع بها وهو ينظر خلفه خشية أن يرجع النبي الكريم في قوله،ثم ذهب إلى قومه فقال لهم:" يا قوم أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر!"...وحسبنا في الاستدلال على كرمه صلى الله عليه وسلم حديث بن عباس الذي رواه البخاري :"قال بن عباس حين سئل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كان رسول الله أجود الناس وكان أجود ما يكون في في شهر رمضان،حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن ،فكان صلى الله عليه وسل أجود من الريح المُرسلة" .
وفيما يلي بعض الأمثلة العجيبة على جوده وكرمه:
* أعطى الرسول الكريم العباس رضي الله تعالى عنه من الذهب ما لم يُطِق حمله.
** وأعطى معوذ بن عفراء ملء كفيه حُليا وذهباً لما جاءه بهدية من رُطب وقِثَّاء.
*** جاءه رجل فسأله، فقال له ما عندي شيء ولكن إبتع علي(أي اشتر ما تحتاجه على حسابي وأنا أسدده عنك إن شاء الله) فإذا جاءنا شيء قضيناه"!!) (32)

ج- الحلم المحمدي:
(كان الحلم - وهو ضبط النفس حتى لا يظهر منها ما يكره قولاً أو فعلا عند الغضب- فيه صلى الله عليه وسلم مضرب الأمثال،ولعل ذلك يظهر فيما يلي من الأمثلة:
* لمَّا شُجَّت وجنتاه صلى الله عليه وسلم وكُسرت رباعيته(السِنَّتان الأماميتان بالفك) يوم أُحد رفع يديه إلى السماء،فظن الصحابة أنه سيدعو على الكفار،ولكنه قال:" اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" !!!
** ولما جذبه أعرابي برداءه جذبة شديدة حتى أثرت في صفحة عنقه صلى الله عليه وسلم، وقال الأعرابي :" إحمل لي على بعيري هذين من مال الله الذي عندك ،فإنك لا تحمل لي من مالك ومال أبيك"،حلُمَ عليه صلى الله عليه وسلم ولم يزد أن قال:" المال مال الله وأنا عبده ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي" فقال الأعرابي:"لا"، فقال النبي :"لم؟" قال لأنك لا تكافيء السيئة بالسيئة"،فضحك صلى الله عليه وسلم،ثم أمر أن يحمل له على بعير شعير، وعلى آخر تمر!!!
*** لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم ضرب خادماً ولا امرأة قط ، بهذا أخبرت عائشة رضي الله عنه ، فقالت:" ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصراً من مظلمة ظُلمها قط،ما لم تكن حُرمة من محارم الله ، وما ضرب بيده شيئا قط إلا أن يُجاهد في سبيل الله،وما ضرب خادماً قط ولا امرأة.

ج- العفو المحمدي:
(كان العفو- وهو ترك المؤاخذة ،عند القدرة على الأخذ من المسيء - من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم،وقد أمره به المولى تبارك وتعالى حين تنزل جبريل بالآية الكريمة:"خُذ العفوَ وَأْمُر بالعُرف وأعرِض عن الجاهلين" فسأله صلى الله عليه وسلم عن معنى هذه الآية،فقال له:" حتى أسال العليم الحكيم"،ثم أتاه فقال :" يا محمد إن الله يأمرك ان تصل من قطعك،و وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك"
وقد امتثل صلى الله عليه وسلم لأمر ربه،فنراه:
(ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً- فإن كان إثماً كان ابعد الناس عنه،كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها.
ويتجسد عفوه حين تصدى له "غورث بن الحارث" ليفتك به صلى الله عليه وسلم والرسول مطّرح تحت شجرة وحده قائلاً(نائماً في وقت القيلولة)، وأصحابه قائلون أيضاً، وذلك في غزوة، فلم ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا و غورث قائم على رأسه، والسيف مسلطاً في يده،وهو يقول:" ما يمنعك مني؟" فقال صلى الله عليه وسلم:"الله"!! فسقط السيف من يد غورث ،فأخذه النبي الكريم وقال:" من يمنعك مني؟"
قال غورث:" كُن خير آخِذ" ،فتركه وعفا عنه،فعاد إلى قومه فقال:" جئتكم من عند خير الناس!"
ولما دخل المسجد الحرام صبيحة الفتح ووجد رجالات قريش - الذين طالما كذَّبوه ، و أهانوه ،وعذبوا أصحابه وشردوهم- جالسين مطأطئي الرؤوس ينتظرون حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاتح فيهم،فإذا به يقول لهم:" يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم؟" قالوا:" أخ كريم ، وابن أخ كريم"،قال:" إذهبوا فأنتم الطلقاء!!!" فعفا عنهم بعد أن ارتكبوا من الجرائم في حقه وحق أصحابه ما لا يُحصى عدده!!!
ولما تآمر عليه المنافقون ليقتلوه وهو في طريق عودته من تبوك إلى المدينة ، وعلم بهم وقيل له فيهم،عفا عنهم وقال:" لا يُتحدَّث أن محمداً يقتل أصحابه!!! )(33)
وحين كان الكفار ينادونه ب" مذمم" بدلاً من "محمد"، وغضب أصحابه صلى الله عليه وسلم...كان يقول لهم:" دعوهم فإنما يشتمون" مذمماً"، وأنا "محمد"!!! (34)

د- الشجاعة المحمدية:
(كان صلى الله عليه وسلم شجاع القلب والعقل معاً،فشجاعة القلب هي عدم الخوف مما يُخاف منه عادةً،والإقدام على دفع ما يُخاف منه بقوة وحزم،أما شجاعة العقل فهي المُضي فيما هو الرأي وعدم النظر إلى عاقبة الأمر،متى ظهر أنه الحق...فكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس على الإطلاق! ، ومن أدلة ذلك أن الله تعالى كلفه بأن يقاتل وحده في قوله:" فقاتِل في سبيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إلا نفسك،وحرِّض المؤمنين"(النساء- 84)،ومن بعض أدلة ومظاهر شجاعته صلى الله عليه وسلم ما يلي:
شهادة الشجعان الأبطال له بذلك،فقد قال علي بن أبي طالب ، وكان فارسا مغواراً من أبطال الرجال وشجعانهم :" كنا إذا حمي البأس (اشتدت المعركة)واحمرت الحُدُق(جمع حدقة وهي بياض العين) نتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم أي نتقي الضرب والطعان"!!!
وهذا موقفه البطولي الخارق للعادة يوم أُحد حيث ذهل عن أنفسهم الشجعان،ووقف محمد صلى الله عليه و سلم كالجبل الأشم حتى لاذ به أصحابه والتفوا حوله وقاتلوا حتى انجلت المعركة بعد قتال مرير وهزيمة نكراء حلت بالقوم من جراء مخالفتهم لكلامه صلى الله عليه وسلم ،وفي حُنين حين انهزم أصحابه وفر رجاله لصعوبة مواجهة العدو من جراء الكمائن التي نصبها وأوقعهم فيها، وهم لا يدرون... بقي وحده صلى الله عليه وسلم في الميدان يطاول ويصاول وهو على بغلته يقول:" أنا النبي لا كذب.. أنا ابن عبد المطلب"
ومازال في المعركة يقول:" إلىَّ عباد الله ! إليَّ عباد الله" حتى أفاء أصحابه إليه وعاودوا الكرة على العدو فهزموهم في ساعة .

هذه بعض دلائل شجاعته القلبية ، أما شواهد شجاعته العقلية،فنكتفي فيها بشاهد واحد ،فإنه يكفي عن ألف شاهد ويزيد،وهو موقفه من تعنُّت "سهيل بن عمرو" وهو يملي وثيقة صلح الحديبية ،حين تنازل صلى الله عليه وسلم عن العبارة" بسم الله" إلى" باسمك اللهم"،وعن عبارة"محمد رسول الله" إلى " محمد بن عبد الله" ،وقد استشاط أصحابه صلى الله عليه وسلم غيظا،وبلغ بهم الغضب حداً لا مزيد عليه، وهو صابر ثابت حتى انتهت وكانت بعد أيام فتحاً مبينا؛ فضرب صلى الله عليه وسلم بذلك أروع مثل في الشجاعة وبعد النظر وأصالة وإصابة الرأي) (35)

هـ- الصبر المحمدي :
(كان الصبر- وهو حبس النفس على طاعة الله تعالى حتى لا تفارقها،وعن معصية الله تعالى حتى لا تقربها،وعلى قضاء الله تعالى حتى لا تجزع له ولا تسخط عليه- هو خُلق محمد صلى الله عليه وسلم،فقد صبر وصابر طيلة عهد إبلاغ رسالته الذي دام ثلاثاً وعشرين سنة،فلم يجزع يوماً، ولم يتخلَّ عن دعوته وإبلاغ رسالته حتى بلغ بها الآفاق التي شاء الله تعالى أن تبلغها،وباستعراض المواقف التالية تتجلى لنا حقيقةالصبر المحمدي الذي هو فيه أسوة كل مؤمن ومؤمنة في معترك الحياة:
صبره صلى الله عليه وسلم على أذى قريش طوال فترة بقاءه بينهم بمكة ،فقد ضربوه وألقوا روث الجزور على ظهره ، وسبوه واتهموه بالجنون مرة وبأنه ساحر مرة ،وبأنه كاهن مرة، وبأنه شاعر مرة ،وعذبوا أصحابه وحاصروه معهم ثلاث سنوات مع بني هاشم في شعب أبي طالب، وحكموا عليه بالإعدام وبعثوا رجالهم لتنفيذ الحكم إلا أن الله عز وجل سلَّمه وعصم دمه.
و صبره صلى الله عليه وسلم عام الحزن حين ماتت خديجة الزوجة الحنون التي صدقته حين كذبه الناس، وآوته حين طرده الناس، وأعطته حين حرمه الناس، وواسته حين اتهمه الناس...وصبره حين مات العم الحاني الحامي المدافع عنه ،فلم توهن هذه الرزايا من قدرته وقابل ذلك بصبر لم يعرف له في تاريخ الأبطال مثيل و لا نظير.
وصبره في كافة حروبه في بدر وفي أُحد وفي الخندق وفي الفتح وفي حنين وفي الطائف حين حاربته البلدة كلها ،وفي تبوك فلم يجبن ولم ينهزم ولم يفشل ولم يمل، حتى خاض حروبا عدة وقاد سرايا عديدة ،فقد عاش من غزوة إلى أخرى طيلة عشر سنوات !!! فأي صبر أعظم من هذا الصبر؟!!
و صبره صلى الله عليه وسلم على الجوع الشديد،فقد مات صلى الله عليه وسلم ولم يشبع من خبز الشعير مرتين في يوم واحد قط!!!وهو الذي لو أراد أن يملك الدنيا لملكها ولكنه آثر الآخرة ونعيمها)(36)

الرحمة المحمدية
كان صلى الله عليه وسلم يرحم الناس( رحمة الأقوياء الباذلين وليست رحمة الضعفاء البائسين،وكان يمارسها ممارسة مؤمن بها، متمضخ بعطرها، مخلوق من عجينتها)(37)
حتى أن ربه قال عن رحمته صلى الله عليه وسلم لسائر الخلق"وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين"،وقال عن رحمته للمؤمنين خاصة:" بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم"
وحين أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة فخرج إلى الطائف،وقف أهلها في صفين يرمونه بالحجارة ،فدميت قدماه الشريفتان ، وشكا إلى الله تعالى ضعف قوته وقلة حيلته وهوانه على الناس ...فنزل جبريل عليه السلام ، (وقال يا محمد:" لو شئت أن أطبق عليهم الأخشبين "جبلين بمكة" لفعلت" ، فقال له رسول الرحمة والتسامح:" لا ، لعل الله يخرج من بين ظهرانيهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا" ، و قد صحت نظرة الرحمة والحلم المحمدية ، ودخل الناس في هذه الأماكن وغيرها في دين الله أفواجا !!!
وكان صلى الله عليه وسلم رحيماً حتى في مقاتلته لأعداء دينه،فقد كان يوصي جيشه المقاتل بألا يضرب إلا من يضربه أو يرفع عليه السلاح ، وكان يقول" لا تقتلوا امرأة ولا وليداً ولا شيخا ولا تحرقوا نخيلا ولا زرعا، كما كان يحرص على عدم التمثيل بهم أو المبالغة في إهانتهم ، فيقول :" إجتنبوا الوجوه ولا تضربوها"!! )(38)
(وورد في البخاري مما رواه أنس رضي الله عنه أن غلاماً يهودياً كان يخدم الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما مرض،عاده الرسول الكريم فقعد على رأسه وقال له :" أسلِم " فنظر إلى أبيه و هو عنده،فقال:"أطع أبا القاسم"، فأسلم الغلام، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول:" الحمد لله الذي أنقذه من النار"!!)(39)
وكان صلى الله عليه وسلم يوصي بالضعفاء رحمة بهم، فنراه يوصي باليتامى قائلا:" خير البيوت بيت فيه يتيم مُكرَم"؛ وبالنساء قائلاً: " إستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خُلقن من ضلع أعوج"؛وبما ملكت الأيمان،(فنجد آخر كلماته صلى الله عليه وسلم حين حضرته الوفاة:" الصلاة، وما ملكت أيمانكم،حتى جعل يغرغر بها صدره وما يكاد يفيض بها لسانه!!!) (40)
ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته( أنه كان يتلو قول الله تعالى في إبراهيم:" رب إنَّهُنَّ أضْلَلْن كثيراً من الناس فَمَن تَبِعني فإنَّه مِنِّي ومَن عصاني فإنك غفورٌ رحيم" ، وقول عيسى:" إن تعذِّبهُم فإنَّهم عبادُك وإن تغفرلهم فإنك أنتَ العزيزُ الحكيم"
فرفع يديه قائلاً:" اللهم أمتي أمتي" وبكى،فقال الله عز وجل- وهو أعلم-:" يا جبريل إذهب إلى محمد فسله:" ما يبكيك؟" فاتاه جبريل فسأله ،فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال الله تعالى:" يا جبريل إذهب إلى محمد فقل له:" إنا سنرضيك في أمتك ولن نسوؤك")(41)

الوفاء المحمدي
(كان وفاؤه صلى الله عليه وسلم باهراً،فقد كان وفياً لربه،ووفياً لحاضنته، ووفياً لزوجاته،ووفياً لأصحابه، ووفيا ًلسائر الكائنات.
فقد سألته السيدة عائشة يوماً حين كان يقوم الليل حتى تورمت قدماه لماذا يجهد نفسه بهذا الشكل وقد غفر الله تعالى له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكان رده صلى الله عليه وسلم:" أفلا أكون عبداً شكورا" ؟!!!!
(وذات يوم زارته بالمدينة سيدة عجوز فخفَّ عليه الصلاة والسلام للقائها في حفاوة بالغة، وغبطة حافلة، وأسرع فجاء ببردته النفيسة وبسطها على الأرض لتجلس عليها العجوز؛ وبعد انصرافها سألته عائشة رضي الله عنها عن سر حفاوته بها فقال:" إنها كانت تزورنا أيام خديجة"!!!
وبين غرفته بالمسجد ومكان المنبر حيث كان يؤم المسلمين في الصلاة بضع خطوات .. كان يقطعها كل يوم عند كل صلاة ولقد أحب هذه الأمتار من الأرض لأنها كانت ممشاه إلى الله، وإلى قرة عينه الصلاة، ولقد أخذه الحب لها والوفاء حتى أكرمها وأجلَّها وقال:" ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة"!!!)(42)

ومن أحلى الأوقات لرواية هذه القصص لأطفالنا عنه صلى الله عليه وسلم ، وأكثرها تأثيراً في النفس هو وقت ما قبل النوم ، حين تنطفىء الأنوار - أو تكون خافتة- ويكون الطفل مهيئاً للاستماع والتخيل، ومن ثم التفكير فيما يسمع.
فإن لم يستطع الوالدان أن يصحبوا أطفالهم في هذه الروضة المحمدية ليتنسموا عبق الرياحين و الأزهار، ويقتطفوا من أطايب الثمار ، فيمكنهما أن يسمعا معهم- بالسيارة- وهم في الطريق إلى النزهة الأسبوعية مثلاً أشرطة "الأخلاق " للأستاذ عمرو خالد التي تتكلم- بأسلوب واضح يفهمه الكبار والصغار- عن شتى الأخلاق الإسلامية ،ومظاهر كل خُلق لدي الرسول الكريم.
ولعله من المفيد الإشارة إلى أن تعليم أخلاق الرسول الكريم لأطفالنا قد يخلق لهم مشكلة وهي أنهم سيواجَهون في المجتمع بمن يتصرفون بعكس هذه الأخلاق،فيرون أقرانهم يكذبون، ويغشون، ويتكبرون، ويتنابزون بالألقاب، ويغضبون لأتفه الأسباب...
بل والأسوأ من ذلك أن هؤلاء الأقران قد يتعاملون معهم على أنهم ضعفاء أو أغبياء لتمسكهم بهذه الأخلاق!!! مما يسبب لهم إحباطا واضطراباً وعدم ثقة فيما تعلموه من والديهم ...وقد يتسبب هذا-أحياناً- في أن يندم الوالدان على تربية أولادهم على الأخلاق في زمن لا يقدِّر الأخلاق... لكن كاتبة السطور تحذِِّر من هذا الإحساس المدمِّر،وذلك المدخل من مداخل الشيطان على المؤمن، وتؤكد أن ما فعله الوالدان هو الصحيح ، والدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :" أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً" فإذا كنا قد علَّمناهم الأخلاق ابتغاء مرضاة الله تعالى، فلابد من أن نوقن في أنه سبحانه سيجعل لهم فرجا و مخرجا؛ وأن النصر في النهاية سيكون- بإذن الله - حليفهم ،إن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة.

كما ينبغي أن نعلم أطفالنا أن يقول كل منهم لنفسه حين يرى تلك النماذج المؤسفة لسوء الخلق:" أنا على حق"، "إنهم هم المخطئون"،" واجبي أن أتمسك بأخلاقي حتى يفعلوا مثلي يومًا ما- كما فعل رسول الله حين كان هو المسلم الوحيد على وجه الأرض- وإن لم يفعلوا أكون من الفائزين بالجنة إن شاء الله !"
وينبغي أن نساعدهم على اختيار الأصدقاء الذين يشاركونهم هذه الأخلاق،فإن ذلك يعينهم ،ويشعرهم أنهم ليسوا بغرباء في المجتمع.
ولا ننسى الدعاء لهم دائماً:" اللهم اهد أولادي وأولاد المسلمين لصالح الأعمال والخلاق والأهواء، فإنه لا يهديهم لأحسنها إلا أنت ،واصرف عنهم سيئها ، فإنه لا يصرف عنهم سيئها إلا أنت"
"اللهم كما حسَّنت خَلقهم ،فحسِّن خُلُقهم"
مرحلة مابين الرابعة عشرة والسادسة عشرة:
من المُجدي في هذه المرحلة أن يقوم الوالدان بعقد المسابقات في الإجازة الصيفية بين الأولاد وأقرانهم من الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء بالمدرسة أو النادي لعمل أبحاث صغيرة عن سيرته صلى الله عليه وسلم ، بحيث تشمل موضوعاتها مثلا:
حالة البشرية قبل مولده صلى الله عليه وسلم
حادثة الفيل
عبد الله ، وآمنة
مولده صلى الله عليه سلم وقصته مع حليمة
طفولته صلى الله عليه وسلم وصباه
فترة شبابه وزواجه من خديجة رضي الله عنها
علاقته صلى الله عليه وسلم بزوجاته رضوان الله عليهن
علاقته صلى الله عليه وسلم ببناته وخاصة فاطمة
علاقته صلى الله عليه وسلم بأصحابه وحبه لهم وحبهم له.
معجزاته صلى الله عليه وسلم قبل وبعد نزول الوحي

فهذه الطريقة تجعل ما يقرءون،و يكتبون أكثر ثباتاً في عقولهم،وقلوبهم ؛لأنهم سيبذلون الجهد في البحث عن تلك المعلومات، وتجميعها، وترتيبها، ثم كتابتها و صياغتها بشكل جيد.
وينبغي مكافأة من قاموا بإعداد أبحاث جيدة بهدايا نعرف مسبقا أنهم يحبونها.
كما يمكن إهداء الطفل أو مكافاته بكتب مثل:
" معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودلائل صدق نبوته" للشيخ إبراهيم جلهوم والشيخ محمد حماد، و " محمد صلى الله عليه وسلم " لعبد الحميد جودة االسحار.

6- كيف نقيس حبنا للنبي صلى الله عليه وسلم؟
ينبغي لأبناءنا - في هذه المرحلة- أن يعرفوا أن حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى برهان ،فلا يكفي أن يقولوا أنهم يحبونه وإنما ينبغي أن يظهر ذلك في أفعالهم وتصرفاتهم؛،وفيما يلي بعض الأسئلة التي يمكن أن تساعدهم على قياس مدى حبهم للرسول الكريم:
1- هل تصلي عليه كثيراً؟
إن المحب لا يفتر عن ذكر حبيبه والدعاء له،(وكما يقول الإمام بن القيم " إن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضار محاسنه الجالبة لحبه تضاعف حبه له وتزايد شوقه إليه،واستولى على جميع قلبه،وإذا أعرض عن ذكره واستحضار محاسنه بقلبه نقص حبه من قلبه")( 43)

2- هل قرأت سيرته؟
إن المحب ليشتاق إلى معرفة نشأة حبيبه، وتطورات حياته وأخباره.

3- هل عرفت هديه؟
إن المحب يكون شغوفاً لمعرفة أفكار ومعتقدات وأقوال حبيبه(ولعل هذا يتحقق بقراءة كتب الأحاديث المبسطة مثل" رياض الصالحين")

4- هل تتبع سنته(الواجب منها والمستحب)؟
إن المحب يكون مولعاً بتقليد حبيبه(ولعل هذا يتحقق بالتعرف على سنته من خلال كتابي "فقه السنة"،و"منهاج المسلم")

5- هل زرت مدينته؟
إن المحب ليشتاق إلى ديار حبيبه، والمشي فوق خطواته.

6-هل تحب آل بيته الكرام وأصحابه وأتباعه رضوان الله تعالى عليهم؟
إن المحب يحب أحباب حبيبه.

7- هل تحدثت عنه مع غيرك ممن لا يعرفون عنه شيئا؟
إن المحب يود دائما ًلو ظل يتحدث عن حبيبه مع كل الناس.

8- هل ترضى بحكمه فيما شجر بينك وبين غيرك من خلافات؟
إن المحب ليرضى بحكم حبيبه في شتى الأحوال،فما بالك إذا كان الحبيب هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى؟ !

؛ فإذا كانت إجاباتهم كلها ب"نعم"،فهم يحبونه بالفعل،أما إن كانت الإجابة على بعض الأسئلة ب"لا" فهم محتاجون إلى أن يراجعوا أنفسهم ، وإعادة النظر في طريقة حبهم له صلى الله عليه وسلم.
وإذا كانت إجاباتهم كلها ب"نعم" وشعروا برغبة شديدة في رؤيته صلى الله عليه وسلم في الدنيا،فيمكن أن نروي لهم هذه القصة اللطيفة؛مع توضيح أن رؤيته- بشكل عام- فضلٌ من الله، وعطيَّة يهبها لمن يشاء من عباده المؤمنين:
( جاء تلميذ إلى أستاذه وقال:" علمت أنك ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رؤياك" ،فقال الأستاذ:" فماذا تريد يا بني؟" قال :" علِّمني كيف أراه"،فإني في شوق إلى رؤياه،فقال له:" فأنت مدعو لتناول العشاء معي هذه الليلة لأعلمك كيف تراه صلى الله عليه وسلم"
وذهب التلميذ لأستاذه الذي أكثر له من الملح في الطعام، ومنع عنه الماء،فطلب التلميذ الماء ،فمنعه الأستاذ ،بل أصر على أن يزيده من الطعام،ثم قال له:" نَم وإذا استيقظت قبل الفجر فسأعلمك كيف ترى النبي صلى الله عليه وسلم"،فبات التلميذ يتلوى من شدة العطش والظمأ، فقال له أستاذه حين استيقظ:"أي بني قبل أن أعلمك كيف تراه أسألك:"هل رأيت الليلة شيئا؟" قال :" نعم"،قال له" ما رأيت؟" ،فقال:" رأيت الأمطار تمطر،والأنهار تجري والبحار تسير" فقال الأستاذ:" صدقت نيتك فصدقت رؤيتك ، ولو صدقت محبتك لرأيت رسول الله!!!")(44)

ومن الأمور بالغة الأهمية أن نوضح لهم الفرق بين أن نحبه صلى الله عليه وسلم وبين أن نغالي ونتعدى الحد،فمن أراد أن يُرضي الله بحب النبي صلى الله عليه وسلم فعليه أن يحبه كما أراد الله ورسوله، وليس كما يوافق هواه !!!
(ومن منطلق أن حبه صلى الله عليه وسلم عبادة،فإن العبادة يجب أن تكون خالصة لوجه الله تعالى ،كما يجب أن تكون على طريقة رسول الله ، وإذا خرجت عن هذين الشرطين،صارت بدعة،ومن ثم فهي مردودة على صاحبها،فقد قال تعالى" اليومَ أكملتُ لكُم دينَكم وأتممتُ عليكُم نعمتي ورضيتُ لكمُ الإسلامَ دينا"،فقد تم الدين ولم يترك شيئاً لم يتحدث عنه،وما ارتضاه الله تعالى لنا لا ينبغي أن نغيره،فقد كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أشد حباً له ، ولكنهم لم يكونوا يفعلون محرماً من أجله صلى الله عليه وسلم؛ فكانوا لا يقومون إليه حين يأتيهم،كما يقوم الأعاجم الكفار لملوكهم ؛ وكانوا لا يبالغون في إطراءه حين نهاهم عن ذلك قائلاً :" لا تُطْروني كما أطرت النصارى المسيح بن مريم،فإنما أنا عبدٌ لله ، قولوا: "عبد الله ورسوله"
وحين جاءه صلى الله عليه وسلم رجل فراجعه في بعض الكلام،فقال:
" ما شاء الله وشئت"،فقال له:" أجعلتَني مع الله نداً؟‍ " بل قل:" ما شاء الله "
فلا ينبغي أن نُغضب الله سواء بالمغالاة في مدحه- صلى الله عليه وسلم- بان نرفعه فوق قدره ، أو بمجافاته صلى الله عليه وسلم بالعقل أو القلب... ولكن علينا بالوسطية، وهي التزام السنة)(45) ، (46)
ومن ثم فعلينا أن نعلم أطفالنا مثلاً أنه لا يجوز الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم،أو الاستجارة به بعد وفاته،لأنه لا يملك لنا شيئا، كما لا ينبغي أن نفعل كما يفعل البعض عند قبره الشريف من رفع الصوت لأن الله تعالى يقول:" لا ترفعوا أصواتَكم فوقَ صوتِ النبي ولا تجهروا له بالقول كجهرِ بعضكم لبعض أن تحبَط أعمالَكم وأنتم لا تشعرون"(الحجرات-2)، ولا ينبغي أن ندعو أمام قبره ونحن ننظر إلى القبر،والصحيح أن ندعو ونحن متوجهون للقبلة ،أما المباح من القول ونحن ننظر للقبر ،فالسلام عليه والإكثار من الصلاة عليه.

كما ينبغي أن نتحدث معه عن بعض الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة التي شاعت بين الناس،مثل" من حج ولم يزرنى فقد جفاني" و "من زارنى بعد مماتى فكأنما زارنى فى حياتى "و" رأيت ليلة أُسري بي مكتوباً على ساق العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله..."

من تجارب الأمهات:

* كانت الأم تحكي لطفلها منذ نعومة أظفاره سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف كان خَلقَه وخَلُقه،ولما بلغ العاشرة من عمره أكرمه الله تعالى بزيارة قبره صلى الله عليه وسلم، ولما عاد قال لها :" إني أحب الرسول جداً وأتمنى رؤيته،ومقابلته في الجنة ؛ ولكني لا أحبه أن يكون ملتحياً؛ فأنا أفضله بدون لحية! فكان على الأم أن تتصرف بلباقة فقالت له:" أنا متأكدة يا بني أنك حين تراه ستحبه أكثر بكثير،سواء كان ملتحياً أم لا"،ولكنه أصر قائلاً:"لا، أنا أحبه بدون اللحية"،فقالت له الأم :" هل تعلم لماذا كان يربي الرسول لحيته؟" قال "لا"،فقالت له:" لأن اليهود كانوا يحلقون اللحية،ويعفون الشارب، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يخالفهم...أم أنك كنت تفضل أن نتشبه بهؤلاء القوم؟!" فرد على الفور:" لا، لا يصح أن نتشبه بهم أبداً" وانتهى الحوار، ولم يعد يتكلم في هذا الموضوع أبداً.

** وكانت أم أخرى تعاني من أن أصحاب ابنها من الجيران والزملاء لا يلتزمون بالأخلاق التي ربته عليها،مما تسبب له في إحباط وعدم ثقة في تلك الأخلاق؛ لأنه لا يريد أن يشذ عن أصدقاءه وزملاءه،فقررت الأم أن تدعو مجموعة من هؤلاء الأصحاب في الإجازة الصيفية ليلعبوا معه بمختلف الألعاب التي لديه ، وفي نهاية الجلسة كانت تقدم لهم بعض الفطائر والعصائر أو المرطبات وتجلس معهم لتحكي قصصاً عن خُلُق معين من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم مع توضيح فائدة الالتزام بهذا الخُلُق ، وكانوا هم يقاطعونها أحياناً ليكملوا حديثها،فكانت تتركهم يتكلمون- لأن ذلك يسعدهم- ثم تكمل حديثها؛ وكانت تكتفي بالحديث عن خُلُق واحد في كل مرة ...حتى شعرت في نهاية الإجازة بتطور ملحوظ في سلوكياتهم جميعاً،وفي طريقة حديثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

*** وكانت أم ثالثة تحكي لأطفالها عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم ، وطباعه، و كيف كان يفكر، وكيف كان يحل شتى أنواع المشكلات،حتى اطمأنت أنهم قد فهموا ذلك جيداً،فصارت بعد ذلك كلما مر أحدهم بمشكلة جمعتهم وسألت:" تُرى كيف كان سيحلها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟"
ثم تكافىء من يقدِّم الحل الصحيح...فكانت بذلك تعلمهم كيف يطبقون هَديَه صلى الله عليه وسلم في حياتهم بطريقة عملية متجددة، حتى يعتادوا ذلك في الكِبَر ، ويعتادوا أيضا مشاركة بعضهم البعض في حل مشكلاتهم.

وختاماً، فما هذه العجالة-التي أرجو أن ينفع الله تعالى بها- إلا نقطة بداية يمكن أن ينطلق منها الوالدان والمربون ليعينوا أبناءهم على محبته صلى الله عليه وسلم-بعد التأكد من صحة ما يقولون- كما يمكن اتباع نفس الطريقة لغرس محبة صحابة رسول الله - رضوان الله عليهم- في قلوب أطفالنا؛ وبالله التوفيق،وعليه التُكْلان ، والحمد لله رب العالمين.

اقرأ المزيد »